للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي إذا باع البائع وفاء المبيع وفاء إلى مشتر ثان وجاء إلى المشتري الأول وسلمه مال الوفاء فتسلمه ولم يحطه خبرًا بالبيع فما الحكم؟

الحكم بالتسلم لمال الوفاء انفسخ بيع الوفاء بينهما، ولم يبق له حق في الإجازة ويبطل البيع الثاني لتمامه - وعقد الوفاء منبرم - ولم تقم إجازة من المشتري الأول وفاء. ثم إن تعدد البيوعات من البائع وفاء قبل فسخ عقد بيع الوفاء توقف جميعها - كما قال البارودي - على إجازة المشتري وفاء سواء كانت كلها بيوعات باتة أو كلها وفاء أو تنوعت فكان بعضها باتًّا وبعضها وفاء، وله أن يجيز أيها شاء، وما أجازه منها مضى وما لم يجزه لم يمض، ولا فرق فيما أجازه منها بين أن يكون الأول أو الوسط أو الآخر وبين أن يكون باتًّا أو وفاء (١) .

هذا ما تيسر في هذا المبحث بالاعتماد على ما قلت فإن كان صوابًا فمن فضل الله تعالى علي وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان.

وقبل أن أختم المبحث فقد لفت نظري أن الإمام الأكبر محمود شلتوت رحمة الله عليه وهو الذي أفتى في جواز أخذ النصيب من أرباح صندوق التوفير للمسلم يمنع رهن الانتفاع، والحنفية يجوزونه ويقول في هذه الفتوى: (وفي الحق أنه إذا دار الأمر بين الانتفاع بالرهن على هذا الوجه وبين الفائدة للدين التي يسمح بها القانون كانت تلك الفائدة أقل ضررًا وحرمة من هذا الرهن الذي يجب منعه قطعًا لأطماع المستغلين لضرورات الناس، ومحافظة على بيوت المضطرين من الخراب) (٢) .


(١) راجع المسألة الثامنة من رسالة البارودي المفتي الحنفي التونسي في مسائل بيع الوفاء، مخطوطة بمكتبة الزيتونة غير مرقمة.
(٢) فتاوى الشيخ شلتوت: ٣٤٦، دار القلم، الطبعة الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>