للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

٣٧١٠ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَأَئِمَّةً مِنْ بَعْدِي يَسْتَأْثِرُونَ بِهَذَا الْفَيْءِ؟ قُلْتُ أَمَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ أَضَعُ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي، ثُمَّ أَضْرِبُ بِهِ حَتَّى أَلْقَاكَ قَالَ، أَوَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ، تَصْبِرُ حَتَّى تَلْقَانِيَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٣٧١٠ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ أَنْتُمْ؟) ; قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَيْفَ؟ سُؤَالٌ عَنِ النَّاسِ، وَعَامِلُهُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ كَيْفَ تَصْنَعُونَ؟ فَلَمَّا حُذِفَ الْفِعْلُ أُبْرِزَ الْفَاعِلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ} [الإسراء: ١٠٠] ، وَالْحَالُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ ; أَتَصْبِرُونَ أَمْ تُقَاتِلُونَ؟ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَضَعُ سَيْفِيَ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَصْبِرُ حَتَّى تَلْقَانِيَ وَقَوْلُهُ: (وَأَئِمَّةً مِنْ بَعْدِي) مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ: (يَسْتَأْثِرُونَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْعَامِلُ هُوَ الْمَحْذُوفُ اهـ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ الْمُوَافِقِ لِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ كَوْنِ " أَئِمَّةً " بِالنَّصْبِ، وَأَمَّا عَلَى رَفْعِهَا كَمَا فِي النُّسْخَةِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَالْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِ، فَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مَحَلُّهَا النَّصْبُ عَلَى الْحَالِيَّةِ، وَالْمَعْنَى كَيْفَ حَالُكُمْ؟ وَالْحَالُ أَنَّ أُمَرَاءَكُمْ يَنْفَرِدُونَ، (بِهَذَا الْفَيْءِ) وَيَخْتَارُونَهُ وَلَا يُعْطُونَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَالْفَيْءُ مَالٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكُفَّارِ بِغَيْرِ قِتَالٍ ; كَالْخَرَاجِ، وَالْجِزْيَةِ، وَأَمَّا الْمَأْخُوذُ بِقِتَالٍ فَيُسَمَّى غَنِيمَةً. اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: ٦] الْآيَاتِ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةُ وَفِي الْمُغْرِبِ: الْفَيْءُ بِالْهَمْزَةِ ; مَا نِيلَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بَعْدَ مَا تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَتَصِيرَ الدَّارُ دَارَ الْإِسْلَامِ، حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُخَمَّسُ، وَالْغَنِيمَةُ مَا نِيلَ مِنْهُمْ عَنْوَةً وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ ; وَحُكْمُهَا أَنْ تُخَمَّسَ، وَسَائِرُ مَا بَعْدَ الْخُمُسِ لِلْغَانِمِينَ خَاصَّةً، وَالنَّفَلُ مَا يَنْفِلُ الْغَازِي ; أَيْ يُعْطَاهُ زَائِدًا عَلَى سَهْمِهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْفَيْءُ فِي الْحَدِيثِ يَشْمَلُهَا إِظْهَارًا لِظُلْمِهِمْ، وَاسْتِئْثَارِهِمْ بِمَا لَيْسَ مِنْ حَقِّهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِمَزِيدِ تَصْوِيرِ ظُلْمِهِمْ، وَيُبَيِّنُهُ قَوْلُ الْمُظْهِرِ: يَعْنِي يَأْخُذُونَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا حَصَلَ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَيَسْتَخْلِصُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ، وَلَا يُعْطُونَهُ لِمُسْتَحِقِّيهِ، (قُلْتُ أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى أَلَا لِلتَّنْبِيهِ، (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ) ; أَيْ بِالصِّدْقِ، أَوْ مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ (أَضَعُ سَيْفِيَ عَلَى عَاتِقِي، ثُمَّ أَضْرِبُ بِهِ) ; أَيْ أُحَارِبُهُمْ، (حَتَّى أَلْقَاكَ) ; أَيْ أَمُوتَ وَأَصِلَ (إِلَيْكَ) بِالشَّهَادَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ثُمَّ لِتَّرَاخِي رُتْبَةِ الضَّرْبِ عَنِ الْوَضْعِ، وَعَبَّرَ مِنْ كَوْنِهِ شَهِيدًا بِقَوْلِهِ: حَتَّى أَلْقَاكَ ; وَ (حَتَّى) يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى: كَيْ، وَبِمَعْنَى الْغَايَةِ (قَالَ: أَوَلَا أَدُلُّكَ؟) وَفِي نُسْخَةٍ أَفَلَا أَدُلُّكَ؟ قَالَ الطِّيبِيُّ: دَخَلَ حَرْفُ الْعَطْفِ بَيْنَ كَلِمَةِ التَّنْبِيهِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَ (لَا) النَّافِيَةِ وَجُعِلَتَا جُمْلَتَيْنِ ; أَيْ أَتَفْعَلُ هَذَا وَلَا أَدُلُّكَ؟ ( «عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ تَصْبِرُ» ) خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ ; أَيِ اصْبِرْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَلَا تُحَارِبْهُمْ (حَتَّى تَلْقَانِيَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>