للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

فَفِي تَتَبُّعِ الْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ مَا يَقْطَعُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لِمَاعِزٍ: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، لَعَلَّكَ غَمَزْتَ، لَعَلَّكَ لَمَسْتَ. كُلُّ ذَلِكَ يُلَقِّنُهُ أَنْ يَقُولَ: نَعَمْ. بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَلَيْسَ لِذَلِكَ فَائِدَةٌ إِلَّا كَوْنُهُ إِذَا قَالَهَا تَرَكَهُ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ، وَلَمْ يَقُلْ لِمَنِ اعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ: لَعَلَّهُ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَضَاعَتْ وَنَحْوَهُ، وَكَذَا قَالَ لِلسَّارِقِ الَّذِي جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ: أَسَرَقْتَ مَا أَخَالُهُ سُرِقَ، وَلِلْغَامِدِيَّةِ نَحْوَ ذَلِكَ وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ لِشُرَاحَةَ: لَعَلَّهُ اسْتَكْرَهَكِ، لَعَلَّهُ وَقَعَ عَلَيْكِ وَأَنْتِ نَائِمَةٌ، لَعَلَّ مَوْلَاكِ زَوَّجَكِ مِنْهُ وَأَنْتِ تَكْتُمِينَهُ، وَتَتَبُّعُ مِثْلِهِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ يُوجِبُ طُولًا فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ كَوْنُ الْحَدِّ يُحْتَالُ فِي دَرْئِهِ بِلَا شَكٍّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الِاسْتِفْسَارَاتِ الْمُفِيدَةَ لِقَصْدِ الِاحْتِيَالِ لِلدَّرْءِ كُلَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الثُّبُوتِ لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ صَرِيحِ الْإِقْرَارِ، وَبِهِ الثُّبُوتُ، وَهَذَا هُوَ الْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ وَمِنْ قَوْلِهِ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» فَكَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَقْطُوعًا بِثُبُوتِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَكَانَ الشَّكُّ فِيهِ شَكًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الِاخْتِلَافُ أَحْيَانًا فِي بَعْضٍ أَهِيَ شُبْهَةٌ صَالِحَةٌ لِلدَّرْءِ أَوْ لَا، وَبَيَّنَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْسِيمِهَا وَتَسْمِيَتِهَا اصْطِلَاحًا إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>