للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فُلَانٍ حُرٌّ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَسْوَدِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنِ حَزْمٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَكْحُولٍ الشَّامِيِّ، فِي رَجُلٍ قَالَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةً فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ قَالُوا: هُوَ كَمَا قَالَ، وَفِي لَفْظِ " يَجُوزُ عَلَيْهِ ذَلِكَ " وَقَدْ نَقَلَ مَذْهَبُنَا أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَشُرَيْحٍ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِينَ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، قَالَ: طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ» ، وَمَا أَخْرَجَ أَيْضًا «عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِي اعْمَلْ لِي عَمَلًا حَتَّى أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي، فَقُلْتُ: إِنْ تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَتَزَوَّجَهَا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي: تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ إِلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ، قَالَ فَتَزَوَّجَتْهَا فَوَلَدَتْ لِي سَعْدًا وَسَعِيدًا» . فَلَا شَكَّ فِي ضَعْفِهَا، قَالَ صَاحِبُ تَنْقِيحِ التَّحْقِيقِ: إِنَّهُمَا بَاطِلَانِ فَفِي الْأَوَّلِ أَبُو خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ عُمَرُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: وَضَّاعٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ، وَفِي الْأَخِيرِ عَلِيُّ بْنُ قَرِينٍ، كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَسْرِقُ الْحَدِيثَ، بَلْ ضَعَّفَ أَحْمَدُ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَاضِي شَيْخُ السُّهَيْلِيِّ جَمِيعَ الْأَحَادِيثِ، وَقَالَ: لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي الصِّحَّةِ، وَكَذَا مَا عَمِلَ بِهَا مَالِكٌ وَرَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ، فَمَا قِيلَ لَمْ يَرِدْ مَا يُعَارِضُهَا حَتَّى يُتْرُكَ الْعَمَلُ بِهَا سَاقِطٌ، لِأَنَّ التَّرْجِيحَ فَرْعُ صِحَّةِ الدَّلِيلِ أَوَّلًا، كَيْفَ وَمَعَ تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لَا دِلَالَةَ عَلَى نَفْيِ تَعْلِيقِهِ، بَلْ عَلَى نَفْيِ تَنْجِيزِهِ، فَإِنْ قِيلَ: لَا مَعْنَى لِحَمْلِهِ عَلَى التَّنْجِيزِ ; لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى التَّعْلِيقِ، فَالْجَوَابُ صَارَ ظَاهِرًا بَعْدَ اشْتِهَارِ حُكْمِ الشَّرْعِ فِيهِ لَا قَبْلَهُ، فَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُطَلِّقُونَ قَبْلَ التَّزَوُّجِ تَنْجِيزًا، وَيَعُدُّونَ ذَلِكَ طَلَاقًا إِذَا وُجِدَ النِّكَاحُ، فَنَفَى ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّرْعِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا، فَقَالَ الْقَاسِمُ إِنَّ رَجُلًا جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا فَأَمَرَ عُمَرُ إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا أَنْ لَا يَقْرَبَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الْمُظَاهِرِ فَقَدْ صَرَّحَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الظِّهَارِ بِالْمِلْكِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَالْكُلُّ وَاحِدٌ وَالْخِلَافُ فِيهِ أَيْضًا، وَكَذَا فِي الْإِيلَاءِ إِذَا قَالَ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَصِحُّ فَمَنْ تَزَوَّجَهَا يَصِيرُ مُولِيًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>