للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَرُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الْمُرِيدِينَ قَالَ لِشَيْخِهِ: أَنَا أَذْكُرُ اللَّهَ وَقَلْبِي غَافِلٌ. فَقَالَ لَهُ: اذْكُرْ وَاشْكُرْ أَنْ شَغَلَ عُضْوًا مِنْكَ بِذِكْرِهِ، وَاسْأَلْهُ أَنْ يُحْضِرَ قَلْبَكَ. وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا قَالَ لَا ثَوَابَ فِي الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ، وَمِنَ الْعَجِيبِ أَنَّ الْبَلْقِينِيَّ قَالَ: وَهُوَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ اهـ. وَلَعَلَّ كَلَامَهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى ذِكْرِ عَيَّنَ الشَّارِعُ تَلَفُّظَهُ وَسَمَاعَ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ: كُلُّ ذِكْرٍ مَشْرُوعٍ أَيْ مَأْمُورٍ بِهِ فِي الشَّرْعِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مُسْتَحَبًّا، لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِهِ وَيُسْمِعَ نَفْسَهُ اهـ.

فَالْإِطْلَاقُ غَيْرُ صَوَابٍ فَقَدْ رَوَى أَبُو يُعْلَى، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : " «لَفَضْلُ الذِّكْرِ الْخَفِيِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ سَبْعُونَ ضِعْفًا، إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ لِحِسَابِهِمْ، وَجَاءَتِ الْحَفَظَةُ بِمَا حَفِظُوا وَكَتَبُوا، قَالَ لَهُمْ: انْظُرُوا هَلْ بَقِيَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ؟ فَيَقُولُونَ: مَا تَرَكْنَا شَيْئًا مِمَّا عَلِمْنَاهُ وَحَفِظْنَاهُ إِلَّا وَقَدْ أَحْصَيْنَاهُ وَكَتَبْنَاهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنَّ لَكَ عِنْدِي حَسَنًا لَا تَعْلَمُهُ، وَإِنَّمَا أَجْزِيكَ بِهِ وَهُوَ الذِّكْرُ الْخَفِيُّ» " اهـ. وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " الذِّكْرُ الْخَفِيُّ خَيْرٌ مِنَ الذِّكْرِ الْجَلِيِّ " (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : أَيْ: مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: ( «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا) قُلْتُ: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: (الْمَسَاجِدُ) . قُلْتُ: وَمَا الرَّتْعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>