للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يدفع إليه ماله قبل رشده ولو صار شيخًا. وحتى يختبر بما يليق به ويؤنس رشده (١) فإن كان من أولاد التجار وهم من يبيع ويشترى فبأن يتكرر منه ذلك فلا يغبن غالبًا فاحشًا، وأن يحفظ ما في يده من صرفه فيما لا فائدة فيه، وليس الصدقة به وصرفه في أبواب بر ومطعم ومشروب وملبس ومنكح ما يليق به تبذيرًا إذ لا إسراف في الخير (٢) ويختبر ابن الزراع بما يليق بالزراعة والقيام على العمال، وابن صاحب الصناعة بما يتعلق بحرفته، وابن الرئيس باستيفائه على وكيله فيما وكل فيه فهذا مما يدل على رشده، قال الشيخ: وإن توزع في الرشد فشهد شاهدان قبل لأنه يعلم بالاستفاضة، ومع عدمها له اليمين على وليه أنه لا يعلم رشده، ولو تبرع وهو تحت الحجر فقامت بينة برشده نفذ، والأنثى يفوض إليها ما يفوض إلى ربة البيت من الغزل والاستغزال بأجرة المثل وتوكيلها بشراء الكتان ونحوه وحفظها الأطعمة، فإن وجدت ضابطة لما في يدها مستوفية من وكيلها فهي رشيدة، ولا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء والمصلحة والمفسدة، وبيع الاختبار وشراؤه صحيح (٣) وعنه لا يدفع إلى

الجارية مالها بعد رشدها حتى تتزوج أو تلد أو تقيم في بيت الزوج سنة (٤).

(فصل) ولوليهما الإنفاق عليهما من مالهما بغير حاكم كلقيط، ولو أفسد نفقته دفعها إليه يومًا

(١) (ويؤنس رشده) قال ابن المنذر: أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والشام والعراق ومصر يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيرًا كان أو كبيرًا، وروى الجوزجاني قال: كان القاسم بن محمد يلي أمر شيخ من قريش ذي أهل ومال لضعف عقله.

(٢) (لا إسراف في الخير) قال في الاختيارات: الإسراف ما صرفه في المحرمات أو كان صرفه في المباح يضر بعياله أو أسرف في مباح قدرًا زائدًا على المصلحة اهـ، والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغى.

(٣) (وشراؤه صحيح) لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} ولا يأمر بغير صحيح.

(٤) (سنة) المشهور من المذهب أن الجارية كالغلام يدفع إليها مالها إذا بلغت ورشدت وإن لم تتزوج كما تقدم وبه قال عطاء والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وهذه الرواية، روى عن عمر وبه قال شريح والشعبي وإسحق، لما روى عن شريح أنه قال "عهد إلى عمر أن لا أجيز لجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها حولًا أو تلد" رواه سعيد، ولنا ما تقدم على أن حديث عمر مختص بمنع العطية.

<<  <  ج: ص:  >  >>