= أصحابنا واجب يجبر بدم. ولفظ تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما روي عن عبد الله بن عمر هي:"لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ". وهذا الحديث متفق عليه. قال البغوي: قوله: لبيك اللهم لبيك، فيه أربعة أقوال:
أحدها: إجابتي لك يا رب، وإقامتي معك. مأخوذ من: ألَبَّ بالمكان، إذا أقام به. ومعنى التثنية فيه أي إجابة بعد إجابة، وإقامة بعد إقامة. كما يقال: حنانيك، أي رحمة بعد رحمة.
والثاني: اتجاهي إليك وقصدي، من قولهم: داري تَلُبُّ دَارَ فلان أي تواجهها. والتثنية فيه للتأكيد.
والثالث: محبتي لك. من قول العرب: امرأة لَبَّةٌ: إذا ما كانت محبة لولدها.
والرابع: إخلاصي لك، من لب الطعام ولبابه، ثم قلبت الباء الثانية ياء طلبًا للخفة؛ كما قالوا: تظنيت. وأصلها تظننت. ا. هـ. منه.
وقوله: وإن تركت أوله فدم إن طال، يريد - والله أعلم - وإن تركت التلبية أولًا أي بأن ترك اتصالها بالإحرام - عمدًا أو سهوًا - وجب الدم إن طال زمن الفصل بينها وبين وقت الإِحرام. وهذا يقضي أن اتصال التلبية بالإِحرام ليس سنة كما درج عليه المُصَنِّف أولًا، وإنما ذلك واجب؛ بدليل أنه يجبر بدم. والله أعلم.
ودليل وجوب التلبية ووجوب إردافها على الإِحرام، فعل رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في حجته وقد قال:"لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ". والأمر حقيقة في الوجوب.
وقوله: وتوسط في علو صوته وفيها: يعني وندب توسط في رفع صوت الملبي بالتلبية، فلا يسرها ولا يبالغ في رفعه. وندب كذلك التوسط فيها - أي في التلبية - فلا يكثرها جدًّا حتى يملها، ولا يقللها؛ ففي الموطإ في الحج، باب رفع الصوت بالإِهلال، وفي شرح السنة، باب رفع الصوت بالتلبية، واللفظ له، عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمرَني أَنْ آمُرَ أصْحَابِيَ، أَوْ مَنْ مَعِيَ، أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيةِ، أَوْ بِالْإهْلَالِ". يريد أحدهما. قال البغوي: قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ثم قال: ورفع الصوت بالإِهلال مشروع في المساجد وغيرها. وقال مالك: لا يرفع صوته بالإِهلال في =