للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَارِينَ، وَهَذَا لَا لِمَنْعِهِ إذَا طَابَتْ نَفْسُ الْمُزَكِّي بِإِعْطَاءِ أَكْرَمَ شَاةٍ عِنْدَهُ وَأَفْضَلَ مَا عِنْدَهُ مِنْ تِلْكَ السِّنِّ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ؛ وَلَيْسَ فِيهِ إعْطَاءُ سِنٍّ مَكَانَ غَيْرِهَا أَصْلًا، وَلَا دَلِيلَ عَلَى قِيمَةٍ أَلْبَتَّةَ؟ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي «الَّذِي أَعْطَى فِي صَدَقَةِ مَالِهِ فَصِيلًا مَخْلُولًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بَارَكَ اللَّهُ لَهُ، وَلَا فِي إبِلِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَجَاءَ بِنَاقَةٍ فَذَكَرٍ مِنْ جَمَالِهَا وَحُسْنِهَا، وَقَالَ: أَتُوبُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى نَبِيِّهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إبِلِهِ» .

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَصِيلَ لَا يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَةِ بِلَا شَكٍّ، وَنَاقَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ قَدْ تَكُونُ جَذَعَةً وَقَدْ تَكُونُ حِقَّةً؛ فَأَعْطَى مَا عَلَيْهِ بِأَحْسَنِ مَا قُدِّرَ؛ وَلَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ عَلَى إعْطَاءِ غَيْرِ السِّنِّ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْقِيمَةِ أَصْلًا؟ وَاحْتَجُّوا بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ «اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إبِلٌ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ؟ فَقُلْتُ: لَمْ أَجِدْ فِي الْإِبِلِ إلَّا جَمَلًا خِيَارًا رَبَاعِيًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطِهِ إيَّاهُ، فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ الْجَمَلَ أُخِذَ فِي زَكَاةٍ وَاجِبَةٍ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَبْتَاعَهُ الْمُصَدِّقُ بِبَعْضِ مَا أَخَذَ فِي الصَّدَقَةِ، فَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>