الفائدة الرابعة: دلالة المثل على أن حسن القصد غير معتبر في تصحيح الأعمال إذا خالفت شروط الصحة.
وهذه الفائدة مأخوذة من قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} بعد قوله: {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَآءً} ، فإِن طالب السراب لم ينفعه ظنه بأن السراب ماء، ولا اجتهاده في طلبه، ولا شدة حاجته إليه، في تغيير حقيقة السراب.
وكذلك أعمال الذين كفروا الممثّل لها التي عملوها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وربما اجتهدوا في عملها، وأحسنوا القصد بالتوجه بها إلى اللَّه، إلا أن ذلك لا يغير من شريعة اللَّه شيئاً، ولا يعتبر في تصحيح الأعمال المبتدعة، والعقائد المستحدثة، والمناهج الضالة، التي لم يأذن اللَّه بها، ولم ينزل بها سلطاناً، وذلك أن اللَّه لا يقبل من العمل إلا ما كان موافقاً لهديه الذي أنزله على رسله.
فقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً} يدل على حكم أعمال الذين كفروا - الممثّل لها - وأنها باطلة حابطة.
وهذا المعنى مثل قوله تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَنْثُورًا} ١.