للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: نعم. ففض خاتم كتابه ودفعه إلى الغلام فقرأه عليه، فإذا فيه: إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حيا. فأقبل على طرفة فقال: تعلم والله، لقد كتب فيك بمثل هذا. فلم يلتفت إلى قول المتلمس، وألقى المتلمس كتابه في نهر الحيرة وهرب إلى الشام، وأخذ يهجو "عمرو بن هند"١.

ورويت القصة بشكل آخر خال من التزويق والتنميق نوعا ما. ذكرت أن "المتلمس وطرفة بن العبد هجوا عمرو بن هند، فبلغه ذلك، فلم يظهر لهما شيئا، ثم مدحاه فكتب لكل منهما كتابا إلى عامله بالحيرة "؟ "، وأوهم أنه كتب لهما فيه بصلة. فلما وصلا الحيرة، قال المتلمس لطرفة: إنا هجوناه، ولعله اطلع على ذلك، ولو أراد أن يصلنا لأعطانا! فهلم ندفع الكتابين إلى من يقرؤهما، فإن كان خيرا وإلا ندرنا. فامتنع طرفة، ونظر المتلمس إلى غلام قد خرج من المكتب فقال: أتحسن القراءة، قال: نعم. فأعطاه الكتاب ففتحه، فإذا فيه قتله. ففر المتلمس إلى الشام وهجا عمرا هجاء مقذعا. وأتى طرفة إلى عامل الحيرة بالكتاب فقتله"٢. وقد حلت الحيرة في هذه القصة في محل البحرين، وصار العامل القاتل عامل الحيرة، وخلت من ذكر الشيخ.

وطرفة هو القائل في قصيدة له:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

وكان النبي إذا استراث الخبر يتمثل بعجز هذا البيت من هذه القصيدة٣.

ومن الشعر المنسوب إليه، قوله:

قليل المال تصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير على الفساد

وحفظ المال خير من بغاه ... وجولٍ في البلاد بغير زاد

وقوله:

ولا يقيم على ذل يراد به ... إلا الأذلان غير الحي والوتد

هذا علي الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثي له أحد


١ السيوطي، شرح شواهد "١/ ٢٩٥ وما بعدها"، المرزباني، معجم "٥"، "فراج".
٢ السيوطي، شرح شواهد "١/ ٣٧١"، الشعر والشعراء "١/ ١١٢".
٣ المرزباني، معجم "٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>