وَمن مَعَانِيهَا: الاسمية كالذنوب. وَقد حمل الشَّافِعِي قَوْله تَعَالَى:{وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} على الْمَعْنى الرَّابِع لقَوْله تَعَالَى: {ليطهركم بِهِ} ، وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:" جعل لي الأَرْض مَسْجِدا وترابها طهُورا ".
[والمفعل: للموضع والمفعل للآلة والفعلة للمرة والفعلة للحالة] .
ذكر كثير من النُّحَاة أَنه إِذا أُرِيد بَقَاء معنى الْمَاضِي مَعَ (إِن) جعل الشَّرْط لفظ (كَانَ) كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن كَانَ قَمِيصه قد من قبل} لقُوَّة دلَالَة (كَانَ) على الْمَاضِي لتمحضه لَهُ لِأَن الْحَدث الْمُطلق الَّذِي هُوَ مَدْلُوله يُسْتَفَاد مِنْهُ الْخَبَر فَلَا يُسْتَفَاد مِنْهُ إِلَّا الزَّمَان الْمَاضِي، وَكَذَا إِذا جِيءَ بإن فِي مقَام التَّأْكِيد مَعَ وَاو الْحَال لمُجَرّد الْوَصْل
والربط، وَلَا يذكر لَهُ حِينَئِذٍ جَزَاء نَحْو: زيد وَإِن كثر مَاله بخيل، وَعَمْرو وَإِن أعطي لَهُ مَال لئيم.
اخْتلف فِي عَامل الْخَبَر، وَظَاهر مَذْهَب الزَّمَخْشَرِيّ أَن الْخَبَر يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَحده، وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْعَامِل فِيهِ الِابْتِدَاء والمبتدأ جَمِيعًا، وَعَلِيهِ كثير من الْبَصرِيين. وَالْأَصْل فِي الْأَسْمَاء أَن لَا تعْمل، وَإِذا لم يكن لَهُ تَأْثِير فِي الْعَمَل، والابتداء لَهُ تَأْثِير فإضافة مَا لَا تَأْثِير لَهُ إِلَى مَا لَهُ تَأْثِير لَا تَأْثِير لَهُ. وَالصَّحِيح أَن الْعَامِل فِي الْخَبَر هُوَ الِابْتِدَاء وَحده كَمَا كَانَ عَاملا فِي الْمُبْتَدَأ إِلَّا أَن عمله فِي الْمُبْتَدَأ بِلَا وَاسِطَة وَفِي الْخَبَر بِوَاسِطَة الْمُبْتَدَأ، فالابتداء يعْمل فِي الْخَبَر عِنْد وجود الْمُبْتَدَأ وَإِن لم يكن للمبتدأ أثر فِي الْعَمَل إِلَّا أَنه كالشرط فِي عمله كالقِدْر فِي تسخين المَاء فَإِن التسخين بالنَّار عِنْد وجود الْقدر لَا بهَا.
لَا يجوز تعلق حرفي جر بِمَعْنى وَاحِد بِفعل وَاحِد حَيْثُ لَا يَصح الْإِبْدَال بِلَا امْتنَاع أَي من غير عطف وَلِهَذَا ذهب صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا} بِأَن الظرفين لم يتعلقا بِفعل وَاحِد بل تعلق الأول بالمطلق وَالثَّانِي بالمقيد كَمَا فِي (أكلت من بستانك من الْعِنَب) أَي الْأكل الْمُبْتَدَأ من الْبُسْتَان من الْعِنَب.