للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] قَوْله تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] وَقَالَ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] . فَإِذْ لَمْ نَجِدْ فِيهِ كُلَّ حُكْمٍ مَنْصُوصًا، عَلِمْنَا أَنَّ بَعْضَهُ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ، وَمُودَعٌ فِي النَّصِّ، نَصِلُ إلَيْهِ بِاجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي اسْتِخْرَاجِهِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤] قَدْ حَوَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ثَلَاثَةَ مَعَانٍ: أَحَدُهَا: مَا نَزَّلَ اللَّهُ تَعَالَى مَسْطُورًا.

وَالْآخَرُ: بَيَانُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا يَحْتَاجُ مِنْهُ إلَى الْبَيَانِ.

وَالثَّالِثُ: التَّفَكُّرُ فِيمَا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاحْتَجَّ إبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ، لِإِثْبَاتِ الْقِيَاسِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: ٢] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّ رَدَّ حُكْمِ الْحَادِثَةِ إلَى نَظِيرِهَا مِنْ الْأُصُولِ يُسَمَّى اعْتِبَارًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى: ابْتِدَاءُ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الِاعْتِبَارِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: ٢] فَأَخْبَرَ عَنْ ظَنِّهِمْ الْكَاذِبِ، أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>