(إِلَى بِلَاد أجابت قبل أَن دعيت ... للخاطبين وَلَوْلَا الْخَوْف لم تجب)
(لَو لم تجب يوسفا من قبل دَعوته ... لعاد عامرها كالجوسق الخرب)
(خَافت وَخَافَ وفر المالكون لَهَا ... فالمدن فِي رهب وَالْقَوْم فِي حَرْب)
(ثمَّ استجابت فَلَا حصن بممتنع ... مِنْهَا عَلَيْهِ وَلَا ملك بمحتجب)
(وَأَصْبحُوا مِنْهُ فِي هم وصبحهم ... وهم سكارى بكأس اللَّهْو والطرب)
(تفرغوا لنعيم الْعَيْش وَاشْتَغلُوا ... عَن الثغور بلثم الثغر والشنب)
(أَرض الجزيرة لم تظفر ممالكها ... بِمَالك فطن أَو سائس درب)
(ممالك لم يدبرها مدبرها ... إِلَّا بِرَأْس خصي أَو بعقل صبي)
(حَتَّى أَتَاهَا صَلَاح الدّين فانصلحت ... من الْفساد كَمَا صحت من الوصب)
(وَاسْتعْمل الْجد فها غير مكترث ... بالجد حَتَّى كَأَن الْجد كاللعب)
(وَقد حواها وَأعْطى بَعْضهَا هبة ... فَهُوَ الَّذِي يهب الدُّنْيَا وَلم يهب)
(يُعْطي الَّذِي أخذت مِنْهُ ممالكه ... وَقد يمن على المسلوب بالسلب)
(ويمنح المدن فِي الجدوى لسائله ... كَمَا ترفع فِي الجدوى عَن الذَّهَب)
(ومذ رَأَتْ صده عَن ربعهَا حلب ... وَوَصله لبلاد حلوة الْحَلب)
(غارت عَلَيْهِ ومدت كف مفتقر ... مِنْهَا إِلَيْهِ وأبدت وَجه مكتئب)
(واستعطفته فوافتها عواطفه ... وأكتب الصُّلْح إِذْ نادته عَن كثب)
(وَحل مِنْهَا بأفق غير منخفض ... للصاعدين وبرج غير مُنْقَلب)
(فتح الْفتُوح بِلَا مين وَصَاحبه ... ملك الْمُلُوك ومولاها بِلَا كذب)
(ومعجز كم أَتَانَا مِنْهُ مشبهه ... فَصَارَ لَا عجبا من فَضله الْعجب)
(تهن بِالْفَتْح يَا أولى الْأَنَام بِهِ ... فالفتح إرثك عَن آبَائِك النجب)
(فافخر ففتحك ذَا فَخر لمفتخر ... ذخر لمدخر كسب لمكتسب)
(بك العواصم ذَابَتْ بَعْدَمَا خبثت ... بمالكيها وَلَوْلَا أَنْت لم تطب)
(فليت كل صباح ذَر شارقه ... فدَاء ليل فَتى الفتيان فِي حلب)
(إِنِّي أحب بلادا أَنْت ساكنها ... وساكنيها وَلَيْسوا من ذَوي نسب)
(إِلَّا لِأَنَّك قد أَصبَحت مَالِكهَا ... دون الْأَنَام وَهل حب بِلَا سَبَب)
(فجود كفك ذخري فِي يَدي ويدي ... وَحب بَيْتك إِرْث عَن أبي وَأبي)