شريراً فاتكاً لَا يزَال يجني الْجِنَايَات فيعقل عَنهُ أَبوهُ وَقَومه حَتَّى ابغضته عشريته ونفاه أَبوهُ وَحلف أَن لَا يؤويه أبدا لما أثقله بِهِ من الْغرم وَحمل الدِّيات فَخرج فِي شعاب مَكَّة حائراً دائراً يتَمَنَّى الْمَوْت ينزل بِهِ فَرَأى شقاً فِي جبل فَظن فِيهِ حَيَّة فتعرض للشق يرجوا أَن يكون فِيهِ مَا يقْتله فيستريح فَلم ير شيئاَ فَدخل فِيهِ فَإِذا فِيهِ ثعبان عَظِيم لَهُ عينان تقدان كالسراجين فَحمل عَلَيْهِ الثعبان فأفرج لَهُ فانساب عَنهُ مستديراً بدارة عِنْدهَا بَيت فخطا خطْوَة أُخْرَى فَأقبل عَلَيْهِ الثعبان كالسهم فأفرج عَنهُ فانساب عَنهُ قدماً لَا ينظر إِلَيْهِ فَوَقع فِي نَفسه أَنه مَصْنُوع فأمسكه بِيَدِهِ فَإِذا هُوَ مَصْنُوع من ذهب وَعَيناهُ ياقوتتان فَكَسرهُ وَأخذ عَيْنَيْهِ وَدخل الْبَيْت فَإِذا جثث طوال على سرر طوال لم ير مثلهم طولا وعظماً وَعند رُءُوسهم لوح من فضَّة فِيهِ تاريخهم وَإِذا هم رجال من مُلُوك جرهم وَآخرهمْ موتا الْحَارِث بن مضاض صَاحب الغربة الطَّوِيلَة الَّذِي اسْتَأْجر من اياد الْعشْرَة الأبعرة كَمَا تقدم علهيم ثِيَاب لَا يمس مِنْهَا شَيْئا إِلَّا انتثر كالهباء من طول الزَّمن وَشعر مَكْتُوب فِي لوح فِيهِ عظات وَقَالَ ابْن هِشَام كَانَ اللَّوْح من رُخَام وَكَانَ فِيهِ أَنا نفيلة بن عبد المدان بن خشرم بن عبد ياليل بن جرهم بن قحطان بن هود النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عِشْت خَمْسمِائَة عَام وَقطعت غور الأَرْض بَاطِنهَا وظاهرها فِي طلب الثروة وَالْمجد وَالْملك فَلَمَّا حصلته لم يكن ذَلِك ينجيني من الْمَوْت وَتَحْته مَكْتُوب // (من الْخَفِيف) //
(قد قطعت الْبِلَاد فِي طلب الثروة ... وَالْمجد قالص الأثواب)
(وسريت الْبِلَاد قفراً لقفرٍ ... بشبابي وقوّتي واكتسابي)
(فَأصَاب الرّدى بَنَات فُؤَادِي ... بسهام من المنايا صياب)
(فانقضت شرّتي وأقصر جهلي ... واستراحت عواذلي من عتابي)
(وَدفعت الْبَيْضَاء بالحلم لمّا ... نزل الشّيب فِي محلّ الشّباب)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute