يدفنكم وقيل معناه أي لولا مخافة عدم دفنكم الموتى والمعنى السابق إلى الفهم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: لولا أن لا تدافنوا، [إلى آخره] هو أنهم لو سمعوا ذلك لتركوا التدافن حذرا من عذاب القبر، وفي هذا المعنى نظر لأن المؤمن لا يليق به ذلك، بل يجب عليه أن يعتقد أن اللّه تعالى إذا أراد تعذيب أحد عذبه ولو في بطن الحيتان وإنما المعنى في ذلك هو أن الناس لو سمعوا ذلك لأهم كلّ واحد خُوَيصة نفسه حتى أفضى بهم إلى ترك التدافن أو أنهم لو سمعوا صياح المعذبين لكان فيهم من [تحمله] العصبية وخوف الفضيحة في ذويه وقرابته على أن ينبذهم بالعراء لئلا يخبر عن حالهم مخبر كذا في الميسّر في شرح مشارق الأنوار (١).
[٥٣٨٧] وَعَن هانئ مولى عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ كَانَ عُثْمَان -رضي الله عنه- إِذا وقف على قبر يبكي حَتَّى يبل لحيته فَقيل لَهُ تذكر الْجنَّة وَالنَّار فَلَا تبْكي وتذكر الْقَبْر فتبكي فَقَالَ إِنِّي سَمِعت رَسُول اللّه -صلى الله عليه وسلم- يَقُول الْقَبْر أول منزل من منَازِل الآخِرَة فَإِن نجا مِنْهُ فَمَا بعده أيسر وَإِن لم ينج مِنْهُ فَمَا بعده أَشد قَالَ وَسمعت رَسُول اللّه -صلى الله عليه وسلم- يَقُول مَا رَأَيْت منْظرًا قطّ إِلَّا والقبر أفظع مِنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَزَاد رزين فِيهِ مِمَّا لم أره فِي شَيْء من نسخ التِّرْمِذِيّ قَالَ هانئ وَسمعت عُثْمَان ينشد على قبر فَإِن تنج مِنْهَا تنج من ذِي عَظِيمَة وَإِلَا فَإِنِّي لَا أخالك.