للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فكأنه قال له جهلت وعصيت الله تعالى بذلك ولم يستحق بهذا أن تكون كأهل الجاهلية في كفرهم بالله تعالى (١)، أ. هـ.

وقال الكرماني (٢): معناه أنك في تعيير أمه على خلق من أخلاق الجاهلية أي أهلها ولست جاهلا محضا والجاهلية هي زمان الفترة التي قبل الإسلام وهي الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر وغير ذلك، ويحتمل أن يراد بالجاهلية الجهل أي أن فيك جهلا، قال ابن بطال: وقد روي أن بلالا كان الذي عيره أبو ذر بسواد أمه، فانطلق بلال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكى إليه تعييره بذلك فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء أبو ذر قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شتمت بلالا وعيرته بسواد أمه" قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما كنت أحسب أنه بقي في صدرك من كبر الجاهلية شيء" فألقى أبو ذر نفسه بالأرض ثم وضع خده على التراب وقال: والله لا أرفع خدي على التراب حتى يطأ بلال خدي بقدمه فوطيء بلال خده بقدمه، قال ابن بطال: وفيه النهي عن سب العبيد وتعييرهم بآبائهم والحض على الإحسان إليهم وإلى كل من يوافقهم في المعنى ممن جعله الله تحت يد ابن آدم وأجرى عليه حكمه، فلا يجوز لأحد أن يعير عبده بشيء من المكروه يعرفه في آبائه وخاصة نفسه لقوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} (٣) فلا فضل


(١) شرح الصحيح (١/ ٨٥).
(٢) الكواكب الدرارى (١/ ١٤٠ - ١٤١).
(٣) سورة الحجرات، الآية: ١٣.