للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٤١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ:

انْقَلَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا ⦗٤٢٣⦘ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فقَالَ:

إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا قَالَ عُمَرُ: إِنِّي قَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ وأُحَذِّرُهم هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ وَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ إِذَا أَقَمْتَ فِي النَّاسِ فَيَطِيرُوا بِمَقَالَتِكَ وَلَا يَضَعُوهَا مَوَاضِعَهَا أَمْهِلْ حَتَّى تَقْدُمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ فَتَخْلُصَ بِعُلَمَاءِ النَّاسِ وَأَشْرَافِهِمْ وَتَقُولُ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا ويَعُونَ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا مَوَاضِعَهَا

فقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ قَدِمْتَ الْمَدِينَةَ سالماً إن شاء الله لأتكلمنَّ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ

فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجِلَتُ الرَّوَاحَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ سَبَقَنِي فَجَلَسَ إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ الْأَيْمَنِ وَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَلَمْ أنشَب أَنْ طَلَعَ عُمَرُ فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: أَمَا إِنَّهُ سَيَقُولُ الْيَوْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ استُخْلِفَ قَالَ: وَمَا عَسَى أَنْ يَقُولَ؟ فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجْلِي فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فليحدِّث بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْهَا فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَقَرَأَ بِهَا ⦗٤٢٤⦘ وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَأَخَافُ إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجْدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ حَمْلٌ أَوِ اعتِرافٌ وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا أَلَا وَإِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ:

(لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ) ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)

أَلَا وَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ فُلَانًا قَالَ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا فَمَنْ بَايَعَ امرءاً مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا بَيْعَةَ لَهُ وَلَا لِلَّذِي بَايَعَهُ فَلَا يَغْتَرَّنَّ أَحَدٌ فَيَقُولُ: إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً أَلَا وَإِنَّهَا كَانَتْ فَلْتَةً إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا وَلَيْسَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ أَلَا وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِنَا يَوْمَ تَوَفَّى اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ اجْتَمَعُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَتَخَلَّفَ عَنَّا الْأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ نَنْظُرُ مَا صَنَعُوا فَخَرَجْنَا نَؤُمُّهُمْ فَلَقِيَنَا رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِنْهُمْ فَقَالَا: أَيْنَ تَذْهَبُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْتُ: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: فَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَأْتُوهُمْ اقْضُوا أَمَرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ

فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَأْتِيَهُمْ فَجِئْنَاهُمْ فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي ⦗٤٢٥⦘ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَإِذَا رَجُلٌ مُزَّمِّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ قُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالُوا: وَجِعٌ فَلَمَّا جَلَسْنَا قَامَ خَطِيبُهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَقَدْ دفَّت إِلَيْنَا - يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ - مِنْكُمْ دافَّةٌ وَإِذَا هُمْ قَدْ أَرَادُوا أَنْ يَخْتَصُّوا بِالْأَمْرِ ويُخرجونا مِنْ أَصْلِنَا قَالَ عُمَرُ: فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَقَدْ كُنْتُ زوَّرت مَقَالَةً قَدْ أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ وَكَانَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ فَأَخَذَ بِيَدِي وَقَالَ: اجْلِسْ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغضبه فَتَكَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِمَّا زَوَّرْتُهُ فِي مَقَالَتِي إِلَّا قَالَ مِثْلَهُ فِي بَدِيهَتِهِ أَوْ أَفْضَلَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَلَنْ يَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَنَسَبَا وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ

وَأَخَذَ بِيَدِي وَيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا فَلَمْ أَكْرَهُ شَيْئًا مِنْ مَقَالَتِهِ غَيْرَهَا كَانَ وَاللَّهِ لِأَنْ أُقَدَّمَ فتُضرب عُنُقِي فِي أَمْرٍ لَا يُقرِّبُنِي ذلك إلى إثم أحب إلي من أَنْ أُؤَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ

فقَالَ فَتَى الْأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فكثُر اللَّغَطُ وَخَشِيتُ الِاخْتِلَافَ فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَهَا فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ونَزَوْنا عَلَى سَعْدٍ فقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا ⦗٤٢٦⦘ هُوَ أَفْضَلَ مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ خشيتُ إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ أَنْ يحدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً فَإِمَّا أَنْ نُبَايِعَهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونُ فَسَادًا وَاخْتِلَافًا فَبَايَعْنَا أَبَا بَكْرٍ جَمِيعًا وَرَضِينَا بِهِ

= (٤١٣) [٤٣: ٢]

[تعليق الشيخ الألباني]

صحيح ـ ((الإرواء)) (٢٣٣٨) طرف منه.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُ عُمَرَ: (قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا) يُرِيدُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>