استدلال آخر: قال بعض المجتهدين: يمكن أن يُستدلَّ لطهارة الشَّعْر بالدِّباغ بنَفْسِ الحديث؛ وهو قوله:(إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ)؛ لأنَّ اسم الإهاب ينطَلِقُ على الجِلْد بشَعْرِه؛ فيُقال: هذا إِهابُ المَيتَةِ، ولا يلزم أن يُقال: هذا إِهابُها وَشَعْرُها. وإذا انْطَلَق الاسم عليه حصلت الطَّهارة.
قال هذا المجتهد المذكور: ويمكن أنْ يُستدلَّ بالحديث على عدم نجاسة الشُّعور أصلاً ورأساً بأن يُجعَل دليلاً على مُقدِّمةٍ في الدَّليل، وطَريقه أن يُقال: لو نَجُسَ الشَّعْر بالموت لكان طاهراً بعد الدِّباغ، لكن كان طاهراً قبل الدِّباغ فلا يَنْجُس بالموت.
بيان الملازَمَة: أنَّ الدِّباغَ إنَّما يُفيد الطَّهارة في ما له أَثَرٌ، ولا أَثَرَ للذَّبائح في الشَّعْر، فلا يُفيد الطَّهارة، وبيان أنَّه طاهرٌ بعد الدِّباغ: أنَّ اسم الإِهاب يُطلَقُ عليه بالشَّعْر المُتَّصِل به؛ فيُقال: هذا إِهابُ الشَّاة -مثلاً-، ولا يلزم أن يُقال: هذا إهابها وشَعْرها؛ فدَلَّ ذلك على إطلاق اسم الإهاب على الجِلْد