وَإِن عنيتم جَوَاز لفظ الِاسْتِحْسَان فَقَط فَلَا إِنْكَار فِي ذَلِك، فَإِن الله تَعَالَى يَقُول: {الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} [الزمر: ١٨] .
وَفِي الحَدِيث: " مَا رَآهُ الْمُسلمُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن "، وَالْكتاب وَالسّنة مشحونان بِنَحْوِ ذَلِك.
لكِنهمْ لَا يقصدون هَذَا الْمَعْنى، فَلَيْسَ لكم أَن تحتجوا بِمثلِهِ على الِاسْتِحْسَان بِالْمَعْنَى الَّذِي تريدونه.
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد، والدارمي، عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا عَلَيْهِ، وَمن رَفعه فقد أَخطَأ، وَرَفعه من حَدِيث أنس سَاقِط لَا يحْتَج بِهِ، وعَلى تَقْدِير صِحَّته فَالْمُرَاد بِهِ إِجْمَاع الْأمة ورأيهم حسنه بِالدَّلِيلِ الَّذِي قَامَ لَهُم.
قَوْله: {وَهُوَ لُغَة: اعْتِقَاد الشَّيْء حسنا} .
الِاسْتِحْسَان، استفعال من الْحسن: اعْتِقَاد الشَّيْء حسنا.
وَإِنَّمَا قُلْنَا [اعْتِقَاد] الشَّيْء حسنا، وَلم نقل الْعلم بِكَوْن الشَّيْء حسنا؛ لِأَن الِاعْتِقَاد لَا يلْزم مِنْهُ الْعلم الْجَازِم المطابق لما فِي نفس الْأَمر، إِذْ قد يكون الِاعْتِقَاد صَحِيحا إِذا طابق الْوَاقِع، وَقد يكون فَاسِدا إِذا لم يُطَابق، وَحِينَئِذٍ قد يستحسن الشَّخْص شَيْئا بِنَاء على اعْتِقَاده وَلَا يكون حسنا فِي نفس الْأَمر، وَقد يُخَالِفهُ غَيره فِي استحسانه، فَلَو قيل: الْعلم بِكَوْن الشَّيْء حسنا يخرج مِنْهُ مَا لَيْسَ حسنه حَقًا فِي نفس الْأَمر، وَإِذا قُلْنَا: اعْتِقَاد الشَّيْء حسنا تنَاول ذَلِك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute