وَهَكَذَا الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، هِيَ مُؤثرَة لذواتها، بِهَذَا الْمَعْنى: كالتحرك الْمُوجب للحركة، والتسكين الْمُوجب للسكون.
قَوْله: {ثمَّ شرعا} .
أَي: ثمَّ استعيرت شرعا، أَي: استعيرت الْعلَّة من التَّصَرُّف الْعقلِيّ إِلَى التَّصَرُّف الشَّرْعِيّ، فَجعلت فِيهِ {لمعان} ثَلَاثَة.
{أَحدهَا: مَا أوجب الحكم الشَّرْعِيّ} .
أَي: مَا وجد عِنْده {لَا محَالة} ، أَي: يُوجد عِنْده قطعا، {وَهُوَ الْمَجْمُوع الْمركب من مقتضي الحكم، وَشَرطه، وَمحله، وَأَهله} ، تَشْبِيها بأجزاء الْعلَّة الْعَقْلِيَّة.
وَذَلِكَ لِأَن الْمُتَكَلِّمين وَغَيرهم قَالُوا: كل حَادث لَا بُد لَهُ من عِلّة، لَكِن الْعلَّة، إِمَّا مادية: كالفضة للخاتم، والخشب للسرير، أَو صورية: كاستدارة الْخَاتم، وتربيع السرير، أَو فاعلية: كالصائغ، أَو النجار، أَو غائية: كالتحلي بالخاتم، وَالنَّوْم على السرير.
فَهَذِهِ أَجزَاء الْعلَّة الْعَقْلِيَّة، مجموعها الْمركب من أَجْزَائِهَا هُوَ الْعلَّة التَّامَّة، فَلذَلِك اسْتعْمل الْفُقَهَاء لَفْظَة (الْعلَّة) بِإِزَاءِ الْمُوجب للْحكم الشَّرْعِيّ، والموجب - لَا محَالة - ومقتضية، وَشَرطه، وَمحله، وَأَهله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute