الأمارة طَرِيقا إِلَى ظن الْوَصْف عِلّة فِي كل مَوضِع وجدت فِيهِ وَلقَائِل أَن يَقُول الأمارة لَيست دَالَّة على أَن الْعلَّة فِي الْفُرُوع فَيلْزم الْإِنْسَان أَن يعْتَقد كَونهَا عِلّة فِي كل تِلْكَ الْفُرُوع وَإِنَّمَا هِيَ دَالَّة على أَنَّهَا عِلّة الأَصْل وَإِنَّمَا يعلم أَنه لَا يجوز تخصيصها بِنَظَر آخر وَهُوَ مَوضِع الْخلاف وَمِنْهَا أَن الْعلَّة طَرِيق إِلَى إِثْبَات الحكم فِي الْفَرْع لأَنا إِذا علمنَا أَن الْوَصْف عِلّة الأَصْل وَدلّ الدَّلِيل على التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ فان الْوَصْف يكون طَرِيقا إِلَى إِثْبَات الحكم فِي الْفَرْع فاذا اخْتصَّ هَذَا الطَّرِيق بفرعين لم يجز كَونه طَرِيقا إِلَى الْعلم بِحكم أَحدهمَا وَلَا يكون طَرِيقا إِلَى الْعلم بِحكم الآخر لِأَن طَرِيق الْعلم بالشَّيْء أَو الظَّن لَهُ لَا يجوز حُصُوله فِي اشياء فَيكون طَرِيقا إِلَى الْعلم أَو الظَّن بِأَحَدِهِمَا وَلَا يكون طَرِيقا إِلَى ذَلِك فِي الآخر سِيمَا وَمَا ذَكرْنَاهُ طَرِيق إِلَى الْعلم بِحكم الْفَرْع وَلَيْسَ بطرِيق إِلَى الظَّن وَإِنَّمَا الطَّرِيق إِلَى الظَّن مَا ذَكرْنَاهُ من الأمارة لِأَنَّهُ طَرِيق إِلَى كَون الْوَصْف عِلّة للْحكم وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الحكم فِي الطّرق لَا يخْتَلف لِأَن هَذِه سَبِيل الْأَدِلَّة والإدراك فِي كَونهمَا طَرِيقين إِلَى الْعلم فان قيل إِنَّمَا وَجب ذَلِك فِيمَا ذكرْتُمْ لِأَنَّهُ طرف مُوجب قيل الْإِدْرَاك لَيْسَ بِمُوجب للْعلم فقد استمرت هَذِه الْقَضِيَّة فِيهِ فان قيل الْعلَّة فِي اسْتِمْرَار الْأَدِلَّة والإدراك فِيمَا ذكرْتُمْ أَنه لَيْسَ للأمارات فِيهَا مدْخل وَلَيْسَ كَذَلِك الحكم بِالْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّة قيل إِن مَا ذَكرْنَاهُ لَا يخْتَلف بِحَسب الأمارات لِأَن من ظن أَن زيدا فِي الدَّار بِخَبَر رجل بعيد من الْكَذِب فانه لَا يجوز أَن يُخبرهُ عَن كَون عَمْرو فِي الدَّار فَلَا يَظُنّهُ صَادِقا فاذا وَجب ذَلِك فِي الأمارات المفردة فَالَّذِي يقْتَرن بهَا أَدِلَّة قَاطِعَة أولى بذلك وَلقَائِل أَن يَقُول لَيْسَ الْعلَّة فِي الْعلَّة والإدراك أَنَّهُمَا طَرِيقَانِ بل لِأَن الْأَدِلَّة إِمَّا أَن كَون مُوجبَة كدلالة كَون الْحَيّ حَيا على كَونه مدْركا وَإِمَّا أَن تكون لَوْلَا الْمَدْلُول مَا كَانَت الدّلَالَة على كل حَال كدلالة صِحَة الْفِعْل على كَون فَاعله قَادِرًا وَلَيْسَ كَذَلِك الأمارة لِأَنَّهَا غير مُوجبَة وَلَيْسَت لَوْلَا الْمَدْلُول مَا كَانَت الأمارة على كل حَال وَأما كَون الْمدْرك مدْركا فَعِنْدَ اصحابنا يجب عِنْده الْعلم بالمدرك فَهُوَ كالموجب وَالصَّحِيح أَن كَون الْمدْرك مدْركا يُوجب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute