للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأن عامل القرابة هو من العوامل المهمة في استجابة المدعو، فقد كان للرسل دور في ذلك، فهذا نوح - عليه السلام - يدعو ابنه، قال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} (١)، وهذا إبراهيم - عليه السلام - يدعو والده، قال تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢) يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (٤٣) يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (٤٤) يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} (٢)، ولرسولنا - صلى الله عليه وسلم - مثال في دعوة أهله، قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٣)، وقد حاول - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب أن يدخل الإسلام، وأول من آمن به زوجته خديجة - رضي الله عنها -، وفي ذلك كله دليل على أهمية دعوة ذوي القربى، وأنهم أولى بالخير من غيرهم، كما أن رابط القرابة يوجب على الداعي دعوتهم، وجعل هذا الرابط لنشر الإسلام ونصرة الدين.

وقد سلك الصحابة - رضي الله عنهم - مسلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء - عليهم السلام - من قبله في دعوة الأقارب، واتخاذ نهج خاص بهم، فالمدعو من ذوي القربى يختلف عن المدعو من غيرهم، فرابط العاطفة والمصير المتقارب، واللقاء شبه المستمر، والمصالح الواحدة، كل ذلك يجعل الصحابة يحرصون على دعوة أهليهم بدافع حمايتهم


(١) سورة هود، الآية: ٤٢.
(٢) سورة مريم، الآيات: ٤٢ - ٤٥.
(٣) سورة الشعراء، الآية: ٢١٤.

<<  <   >  >>