وقد كان العلم هو أحد أسلحة الصحابة - رضي الله عنهم - في نشر الإسلام وتوعية الناس به، فهذا مصعب بن عمير - رضي الله عنه - الذي يطلق عليه لقب "المعلم والمقرئ"، أسلم على يديه أكثر أهل المدينة، وذلك لم يكن لكثرة ماله أو جاهه أو قوته، إنما بالعلم الذي كان لديه، والذي حصل عليه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان عالماً بالقرآن، وقد عَلِم - رضي الله عنه - أن هذه الميزة لديه واستثمرها في نشر هذا الدين، فكان هو المرجع لأهل المدينة خلال فترة بقائه بها، قبل العقبة الثانية.
كما أن في دعوة النجاشي لعمرو بن العاص - رضي الله عنهما - دليلاً على توظيف واستثمار ما لدى النجاشي - رضي الله عنه - من علم ليقنع به عمرو بن العاص وذلك عندما سأله عمرو بن العاص أن يعطيه رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليضرب عنقه، فكان رد النجاشي أن قال له: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله؟! قال عمرو: أيها الملك، أكذا هو؟ قال: ويحك يا عمرو! أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، فأسلم عمرو بن العاص - رضي الله عنه -. فكان لعلم النجاشي - رضي الله عنه - تأثير في عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، مما جعله يسلم؛ وذلك لأن النجاشي كان يتكلم عن علم أهل الكتاب واستثمر معرفته به ليدعو عمرو بن العاص وأنه لا يتكلم عن هوى، فاهتمام الداعي إلى الله بما يملكه من علم، والعمل على استخدامه من أجل دخول الناس في الإسلام كان من مميزات الصحابة الدعاة - رضي الله عنهم - التي حرصوا على توظيفها في خدمة الدين.