وَقَوله:(حَتَّى يثخن فِي الأَرْض) أَي يتَمَكَّن فِيهَا فيبالغ فِي قتل أعدائه. وَكَانَ هَذَا أول حَرْب، وَفِي الْمُسلمين ضعف وَقلة، فَلم يكن لاستبقاء الْأَعْدَاء وَجه.
٧٨ - / ٨٥ - الحَدِيث السَّابِع: كتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة.
أما حَاطِب فَهُوَ من لخم وَكَانَ نازلا بِمَكَّة وَلَيْسَ من أَهلهَا، فَهَاجَرَ وَترك أَهله هُنَالك، فتقرب إِلَى الْقَوْم ليحفظوه فِي أَهله بِأَن أطلعهم على بعض أسرار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كيدهم وَقصد قِتَالهمْ، وَعلم أَن ذَلِك لَا يضر رَسُول الله لنصر الله عز وَجل إِيَّاه، وَهَذَا الَّذِي فعله أَمر يحْتَمل التَّأْوِيل، وَلذَلِك اسْتعْمل رَسُول الله حسن الظَّن. وَقَالَ فِي بعض الْأَلْفَاظ:" إِنَّه قد صدقكُم ".
وَقد دلّ هَذَا الحَدِيث على أَن حكم المتأول فِي اسْتِبَاحَة الْمَحْظُور خلاف حكم الْمُتَعَمد لاستحلاله من غير تَأْوِيل، وَدلّ على أَن من أَتَى مَحْظُورًا أَو ادّعى فِي ذَلِك مَا يحْتَمل التَّأْوِيل كَانَ القَوْل قَوْله فِي ذَلِك وَإِن كَانَ غَالب الظَّن بِخِلَافِهِ.