للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يُقْدَعُ أَنْفُهُ وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ سِتٍّ وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ انْتَهَى

وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ أَخْرَجَ بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ زَوْجِي عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ بِأَسْوَأِ صُورَةٍ فَفَزِعْتُ فَأَصْبَحْتُ فَإِذَا بِهِ قَدْ تَنَصَّرَ فَأَخْبَرْتُهُ بَالْمَنَامِ فَلَمْ يَحْفِلْ بِهِ وَأَكَبَّ عَلَى الْخَمْرِ حَتَّى مَاتَ فَأَتَانِي آتٍ في نومي فقال ياأم المؤمنين فَفَزِعْتُ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنِ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِرَسُولِ النَّجَاشِيِّ يَسْتَأْذِنُ فَإِذَا هِيَ جَارِيَةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا أَبْرَهَةُ فَقَالَتْ إِنَّ الْمَلِكَ يَقُولُ لَكِ وَكِّلِي مَنْ يُزَوِّجُكِ فَأَرْسَلْتُ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ فَوَكَّلْتُهُ فَأَعْطَيْتُ أَبْرَهَةَ سِوَارَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ أَمَرَ النَّجَاشِيُّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ هُنَاكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَحَضَرُوا فَخَطَبَ النَّجَاشِيُّ فَحَمِدَ اللَّهَ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

دِينهَا فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيّ يَخْطُبهَا عَلَيْهِ فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا وَأَصْدَقَهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَذَلِكَ سَنَة سَبْع مِنْ الْهِجْرَة وَجَاءَ أَبُو سُفْيَان فِي زَمَن الْهُدْنَة فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَنَحَّتْ بِسَاط رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَا يَجْلِس عَلَيْهِ وَلَا خِلَاف أَنَّ أَبَا سُفْيَان وَمُعَاوِيَة أَسْلَمَا فِي فَتْح مَكَّة سَنَة ثَمَان وَلَا يُعْرَف أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا سُفْيَان

وَقَدْ تَكَلَّفَ أَقْوَام تَأْوِيلَات فَاسِدَة لِتَصْحِيحِ الْحَدِيث كَقَوْلِ بَعْضهمْ إِنَّهُ سَأَلَهُ تَجْدِيد النِّكَاح عَلَيْهَا وَقَوْل بَعْضهمْ إِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ النِّكَاح بِغَيْرِ إِذْنه وَتَزْوِيجه غَيْر تَامّ فَسَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُزَوِّجهُ إِيَّاهَا نِكَاحًا تَامًّا فَسَلَّمَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاله وَطَيَّبَ قَلْبه بِإِجَابَتِهِ وَقَوْل بَعْضهمْ إِنَّهُ ظَنَّ أن التخيير كان طلاقا فسأل رجعتها وَابْتِدَاء النِّكَاح عَلَيْهَا وَقَوْل بَعْضهمْ إِنَّهُ اِسْتَشْعَرَ كَرَاهَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا وَأَرَادَ بِلَفْظِ التَّزْوِيج اِسْتِدَامَة نِكَاحهَا لَا اِبْتِدَاءَهُ وَقَوْل بَعْضهمْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون وَقَعَ طَلَاق فَسَأَلَ تَجْدِيد النِّكَاح وَقَوْل بَعْضهمْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَبُو سُفْيَان قَالَ ذَلِكَ قَبْل إِسْلَامه كَالْمُشْتَرِطِ لَهُ فِي إِسْلَامه وَيَكُون التَّقْدِير ثَلَاث إِنْ أَسْلَمْت تُعْطِينِيهِنَّ وَعَلَى هَذَا اِعْتَمَدَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ فِي جَوَابَاته لِلْمَسَائِلِ الْوَارِدَة عَلَيْهِ وَطَوَّلَ فِي تَقْرِيره

وَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّمَا سَأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجهُ اِبْنَته الْأُخْرَى وَهِيَ أُخْتهَا وَخَفِيَ عَلَيْهِ تَحْرِيم الْجَمْع بَيْن الْأُخْتَيْنِ لِقُرْبِ عَهْده بِالْإِسْلَامِ فَقَدْ خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى اِبْنَته أُمّ حَبِيبَة حَتَّى سَأَلَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَغَلِطَ الرَّاوِي فِي اِسْمهَا

وَهَذِهِ التَّأْوِيلَات فِي غَايَة الْفَسَاد وَالْبُطْلَان وَأَئِمَّة الْحَدِيث وَالْعِلْم لَا يَرْضَوْنَ بِأَمْثَالِهَا وَلَا يُصَحِّحُونَ أَغْلَاط الرُّوَاة بِمِثْلِ هَذِهِ الْخَيَالَات الْفَاسِدَة وَالتَّأْوِيلَات الْبَارِدَة الَّتِي يَكْفِي فِي الْعِلْم بِفَسَادِهَا تَصَوُّرهَا وَتَأَمَّلْ الْحَدِيث

وَهَذَا التَّأْوِيل الْأَخِير وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِر أَقَلّ فَسَادًا فَهُوَ أَكْذَبهَا وَأَبْطَلُهَا وَصَرِيح الْحَدِيث يَرُدّهُ فَإِنَّهُ قَالَ أُمّ حَبِيبَة أُزَوِّجكهَا قال نعم فلو كان المسؤول تَزْوِيج أُخْتهَا لَمَا أَنْعَمَ لَهُ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْحَدِيث غَلَط لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّد فِيهِ وَاَللَّه أَعْلَم

<<  <  ج: ص:  >  >>