للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رددناه في الحاشية (١) من ثلاثة أوجه.

والاستعمالُ الثاني: أن يصاغ بمعنى: جاعلٍ ما تحت أصلِه معدودًا به، نحو: ثالث اثنين، أي: جاعل اثنين بنفسه ثلاثةً، فلك في هذا وجهان: أحدهما: الإضافة، والثاني: النصب؛ لأنه اسم فاعلِ فِعْلٍ مستعملٍ، فإنه يقال: ثَلَثت الاثنين، إلى: عَشَرت التسعةَ (٢).

ولم يستعمل بهذا المعنى: ثانٍ، فلم يقال (٣): ثانٍ واحدًا، بمعنى: جاعلٍ واحدًا بنفسه اثنين، بل لم يستعمل "ثانٍ" إلا بمعنى: بعضِ اثنين، نصَّ على ذلك المصنِّفُ في "شرح التَّسْهيل" (٤)، وهو واردٌ عليه هنا.

وكذا قال ابنُ عُصْفُورٍ في "شرح الجُمَل" (٥)، قال ما نصُّه: فأما "واحد" فلا تجوز إضافته أصلًا، وما عدا ذلك جازت إضافته إلى العدد الذي أُخِذ منه، وإلى ما ليس مشتقًّا منه؛ إلا "ثانيًا" فإنه لا تجوز إضافته إلى "واحد"، فلا تقول: ثاني واحدٍ، وقد أجاز ذلك بعضهم قياسًا، والصحيحُ أن هذا الباب موقوفٌ على السماع. انتهى.

قلت: فلعلَّ المصنِّف هنا جَنَحَ إلى قول القياس.

وقولُ ابنِ عُصْفُورٍ: «وإلى ما ليس مشتقًّا منه» (٦) يعني: ممَّا هو دونه، لا ممَّا هو فوقه.

واعلمْ أن ابنَ عُصْفُورٍ إنما كلامُه في إضافة "اثنين" إلى ما دونه، وليس كلامُه في النصب، فقد يكون ذلك عنده جائزًا، فتأمَّلْه.


(١) يريد: الحاشية السابقة.
(٢) ينظر: إصلاح المنطق ٢١٥، والألفاظ ٤٣٥، وجمهرة اللغة ١/ ٣٣٧، وتصحيح الفصيح ٢٤٨، والمخصص ٥/ ٢١١.
(٣) كذا في المخطوطة، والوجه: يُقَلْ.
(٤) ٢/ ٤١٢.
(٥) ٢/ ٤٠.
(٦) لم أقف على هذه العبارة في مطبوعة شرح جمل الزجاجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>