للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَصَّةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ

ــ

١٢٨٠ - ١٢٦٧ - (مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ) بِكَسْرِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَمْ يَسْمَعْ ثَوْرٌ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَيْنَهُمَا عِكْرِمَةُ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِعِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَصَّةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ) تَمَسُّكًا بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ كَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ ٢٣) وَالْقِصَّةُ تُوجِبُ تَسْمِيَةَ الْمَرْأَةِ أُمًّا مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَتُعِقِّبُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا لَوْ كَانَ اللَّفْظُ وَاللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ فَيَثْبُتُ كَوْنُهَا أُمًّا بِمَا قَلَّ مَنِ الرَّضَاعَةِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَفْهُومَ التِّلَاوَةِ: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ مُحَرَّمَاتٌ لِأَجْلِ أَنَّهُنَّ أَرْضَعْنَكُمْ، فَتَعُودُ إِلَى مَعْنَى مَا قَالُوهُ، وَتُوجِبُ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمَا يُسَمَّى رَضَاعًا. وَذَهَبَ دَاوُدُ إِلَى اعْتِبَارِ ثَلَاثِ رَضَعَاتٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: " «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» ". وَحَدِيثُ أُمِّ الْفَضْلِ مَرْفُوعًا: " «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ وَالْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» ". رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، فَنَصَّ الْحَدِيثُ عَلَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ بِالرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ، فَلَوْ سَلَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ الْإِطْلَاقُ فَالْحَدِيثُ مُبَيِّنٌ لَهُ وَبَيَانُهُ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَلِحَدِيثِ: " «إِنَّمَا الرَّضَاعُ مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ» ". وَحَدِيثِ: " «إِنَّمَا الرَّضَاعُ مَا أَنْشَرَ اللَّحْمَ» " يُرْوَى بِالرَّاءِ أَيْ شَدَّهُ وَأَبْقَاهُ، مِنْ نَشْرِ اللَّهِ الْمَيِّتَ إِذَا أَحْيَاهُ، وَبِالزَّايِ - زَادَ فِيهِ وَعَظَّمَهُ - مِنَ النَّشْزِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ، وَالْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ لَا يَفْتِقَانِ الْأَمْعَاءَ وَلَا يَنْشُرَانِ الْعَظْمَ، وَتُعِقِّبُ بِأَنَّ لِلْمَصَّةِ الْوَاحِدَةِ نَصِيبًا فِيهِمَا، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَعَلَّهُ كَانَ حِينَ يُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ الْعَشْرُ وَالْعَدَدُ قَبْلَ نَسْخِهِ. وَأَمَّا دَعْوَى وَقْفِهِ فَغَيْرُ مُسَلَّمَةٍ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مَرْفُوعًا مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ، وَأُعِلَّ أَيْضًا بِالِاضْطِرَابِ وَرُدَّ، فَلَمَّا احْتَمَلَ رَجَعْنَا إِلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَمَفْهُومِ الْأَخْبَارِ وَتَنْزِيلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيَّاهُ مُنْزِلَةَ النَّسَبِ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ عَدَدٌ إِلَّا مُجَرَّدُ الْوَطْءِ فَكَذَلِكَ الرَّضَاعُ، وَقِيَاسًا عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ بِالصِّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>