للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن عجيبة في قوله هذا لم يخرج عن عقيدة الأشاعرة في نفيهم للحكمة والتعليل (١)، وأنَّ الله يفعل الأفعال لمحض المشيئة؛ فتعمَّقوا وخاضوا في فعل الله إثباتًا ونفيًا، وفكرًا، بالأقيسة العقلية، وبذلك انحرفوا عن منهج أهل السُّنَّة والجماعة وسلف الأُمَّة، وأقوالهم شاهدة عليهم.

قال الإيجي: "المقصد الثامن في أنَّ أفعال الله تعالى ليست معللة بالأغراض، إليه ذهب الأشاعرة" (٢).

ويقول الرازي: "المسألة السادسة والعشرون: في أنَّه لا يجوز أن تكون أفعال الله تعالى وأحكامه معلَّلة بعلة البتَّه" (٣).

والقول الحق الذي عليه أهل السُّنَّة والجماعة: "أنَّ أفعاله - عز وجل - صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل" (٤)، "وله الحكمة البالغة فيما فعل وترك، وقدَّر، وقضى" (٥)، "والقرآن وسُنَّة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح، وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحِكَم التي لأجلها شرع تلك الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسُّنَّة في نحو مئة موضع أو مئتين لسقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرقٍ متنوِّعة" (٦).


(١) ينظر لشبهات الأشاعرة في هذا المسلك كتاب: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، ص ٥٠، ونهاية الأقدام، ص ٣٩٩، والأربعين، للرازي، ص ٣٥٠، وغيرها، ولقد أبطلها ابن القيم في كتابه: شفاء العليل ٢/ ٥٧٧ - ٥٨٤، ٥٨٦ - ٥٩٣.
(٢) المواقف، ص ٣٣١.
(٣) الأربعين في أصول الدين، ص ٣٥٠.
(٤) شفاء العليل ١/ ١٩٠.
(٥) إيثار الحق، ص ٢٤٩.
(٦) مفتاح دار السعادة ٢/ ٣٦٣.

<<  <   >  >>