للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحسن: يجوز أن تكون في اليهود والنصارى، فإنهم غلوا في أمر عيسى، أما اليهود بالتقصير في حقه، وأما النصارى بمجاوزة الحد فيه. وعقب عليه الإمام السمعاني بقوله: " الغلو غير محمود في الدين، روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو " (١) " (٢)

والنبي صلى الله عليه وسلم، حث على التزام سنته، والتمسك بهديه، حين جاءه الرهط الثلاثة الذين كأنهم تقالوا عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم، فقال: " أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني " (٣)

والاعتدال والتوسط مطلوب في كل الأمور. وهنا أُشير إلى أنه يجب أن تكون العبادة مسايرة للشرع، والله جل وعلا يقول: " فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠) " (الكهف ١١٠)، " والعمل الصالح: ما كان خالياً من الرياء، مقيداً بالسنة " (٤). وقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ: " وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ": لا يُرائي. (٥)


(١) ((أخرجه النسائي في سننه، باب التقاط الحصى، ح (٣٠٥٧)، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط ٢، ١٤٠٦ هـ، (٥/ ٢٦٨)
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٠٥
(٣) ((أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، ح (٥٠٦٣).
(٤) ((التستري: تفسير التستري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٢٣ هـ (٩٨)
(٥) ((الطبري: جامع البيان: ١٨/ ١٣٦

<<  <   >  >>