هَذَا هُوَ أَن يكون الله تَعَالَى عِنْده هُوَ المحبوب بِالْكُلِّيَّةِ وَأَن يكون النَّفس مفقودا فِي جنب الله فَلَا يَرَاهَا أصلا الا لله من حَيْثُ كَونهَا عبدا لَهُ تَعَالَى وَعند ذَلِك يصير النَّفس وَغَيره سَوَاء الْوُجُود هَذَا الْقدر فِي الْكل فَينْظر إِلَى الْكل بِحَدّ سَوَاء وَلَا يرجح النَّفس على الْغَيْر أصلا بل رجح الْقَرِيب إِلَى الله بِقدر قربه على نَفسه وَحِينَئِذٍ يظْهر فِيهِ آثَار قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ نعم هَذَا لَا يُنَافِي تَقْدِيم نَفسه على غَيره فِي الْإِنْفَاق وَغَيره لأجل أَمر الله تَعَالَى بذلك وَأَن توقد الخ ظَاهره أَنه مُبْتَدأ خَبره أحب إِلَيْهِ لَكِن عد الْجُمْلَة من الْخِصَال غير مُسْتَقِيم فَالْوَجْه أَن يقدر أَن يكون وَيجْعَل أَن يُوقد الخ اسْما لَهُ وَأحب بِالنّصب خَبرا أَي وَأَن يكون ايقاد نَار عَظِيمَة فوقوعه فِيهَا أحب إِلَيْهِ من الشّرك أَي أَن يصير الشّرك عِنْده لقُوَّة اعْتِقَاده بجزائه الَّذِي هُوَ النَّار المؤبدة بِمَنْزِلَة جَزَائِهِ فِي الْكَرَاهَة والنفرة عَنهُ فَكَمَا أَنه لَو خير بَين نَار الْآخِرَة ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا كَذَلِك لَو خير بَين الشّرك ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا ومرجع هَذَا أَن يصير الْغَيْب عِنْده من قُوَّة الِاعْتِقَاد كالعيان كَمَا روى عَن عَليّ لَو كشف الغطاء مَا ازددت يَقِينا وَلَا يخفى أَن من تكون عقيدته من الْقُوَّة بِهَذَا الْوَجْه ومحبة الله تَعَالَى بذلك الْوَجْه فَهُوَ حقيق بِأَن يجدمن لَذَّة الْإِيمَان مَا يجد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من أحب الْمَرْء تَفْصِيل للموصوفين بِتِلْكَ الصِّفَات الثَّلَاث ليتبين بِهِ الصِّفَات الثَّلَاث وَالْمرَاد من الْمَرْء من يُحِبهُ من النَّاس يَشْمَل نَفسه وَغَيره
[٤٩٨٨] أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ قيد على حسب وقته إِذْ النَّاس كَانُوا فِي وقته أَسْلمُوا بعد سبق الْكفْر وَهُوَ كِنَايَة عَن معنى بعد أَن رزقه الله الْإِسْلَام وهداه إِلَيْهِ وَالرُّجُوع على الأول على حَقِيقَته وعَلى الثَّانِي كِنَايَة عَن الدُّخُول فِي الْكفْر قَوْله