للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالإمام أحمد توجد عنده أحاديث في بغداد نازلة، ولكنها توجد عند بعض المشايخ عالية مثل عبد الرزاق، فسافر أحمد من بغداد إلى صنعاء لأجل أن يسمع منه أحاديث هي موجودة عنده في بغداد، لكنها نازلة، فأراد أن يأخذها عن عبد الرزاق لتكون عالية، فقد يكون بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً ستة فإذا أخذها عن عبد الرزاق ارتفع إلى خسمة أو أربعة فقد يقول: حدّثنا عبد الرزاق: حدَّثنا معمر عن الزهري عن أنس فهؤلاء أربعة أو يقول عبد الرزاق: حدّثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس فهؤلاء خمسة فالرغبة في علو الإسناد لأجل قلة الوسائط التي يحصل بسببها قلة الأوهام.

فأنت مثلاً إذا سمعت حادثاً حدث كمرض أو موت فسمعته من واحد شاهده وقال لك: شاهدت فلاناً مريضاً أو شاهدت فلاناً عندما توفي، أو شاهدت البيت الفلاني وقد احترق أو قد انهدم، جزمت به، لأنه ليس بينك وبين هذا الحادث إلا واحد شاهده، لكن لو أن هذا الواحد الذي شاهده نقله لك عن خمسة قال مثلاً: أنا ما شاهدته، ولكن أخبرني فلان وهو ما شاهده ولكن أخبره فلان وهو أيضا ما شاهده وإنما أخبره فلان ولم يشاهده أيضاً وأخبره فلان الخامس الذي شاهده، فكثرة الوسائط قد تُوقع الشك في هذا الحادث هل هو صحيح واقعي أم لا؟ لأن أحدهم قد يكون قاله مازحاً غير مُجدّ في قوله، وقد يكون مخطئاً على بعضهم، وقد يكون بعضهم قال: نقله لي فلان وهو مخطئ، وقد يكون بعضهم لا يعرف هذا الذي حدَّثه، إنما قال: يمكن أنه فلان، وليس جزماً، فلأجل ذلك كثرة الوسائط يحصل بها وَهم وخطأ غالباً، فهذا هو السبب في أن قلة الرجال أقوى.

حكم الإسناد العالي والنازل: