فالعزيز ما رواه (إما اثنان) ، على قول الحاكم وهو المشهور، أي ليس له إلا إسنادان، (وإما ثلاثة) على قولٍ أشار إليه الناظم البيقوني (عزيز مروي اثنين أو ثلاثة) وهو يدل على أن هناك خلافاً، وأن بعض العلماء قالوا: العزيز ما رواه ثلاثة والمعنى أنه رواه عن الصحابي ثلاثة، ثم استمر يرويه ثلاثة ثلاثة، إلى أن وصل إلى أهل التأليف، فأصبح له ثلاثة أسانيد، كما لو رواه مثلاً عن أنس ثلاثة من تلاميذه كقتادة وأيوب السختياني وثابت البناني ثم يرويه عن كل واحدٍ واحدٌ، فيرويه عن قتادة شعبة، ويرويه عن ثابت سعيد بن أبي عروبة، ويرويه عن أيوب عوف الأعرابي، ثم يرويه عن هؤلاء الثلاثة ثلاثة، كل واحد يرويه عنه واحد، إلى أن يصل إلى زمن البخاري أو الترمذي، فيرويه الترمذي أو غيره بهذه الأسانيد الثلاثة، فيسمى هذا الحديث عزيزاً على قولٍ، ومشهوراً على قولٍ آخر، يعني أن العزيز فيه قولان (الأول) : أنه مروي اثنين. والقول (الثاني) أنه مروي ثلاثة. (والمشهور) فيه قولان: (الأول) أنه مروي ثلاثة أو أكثر (الثاني) أنه مروي أربعة أو أكثر، وهو الذي اختاره البيقوني، ولهذا قال:(مشهور مروي فوق ما ثلاثة) يعني فوق الثلاثة، وأدنى شيء فوق الثلاثة هو الأربعة، فإذا كان له أربعة أسانيد فإنه عنده المشهور، ولعل الراجح قول الجمهور أن العزيز يطلق على ما رواه اثنان، وأن المشهور يطلق على ما رواه أكثر من اثنين، يعني ثلاثة أو أكثر ما لم يبلغ حد التواتر، يعني ولو رواه عشرة، ولكنه لم يبلغ حد التواتر، فيسمى مشهوراً، وقد يسمى مستفيضاً، يعني أن له اسمين، المشهور والمستفيض، واشتقاقه من الشهرة لانتشاره بين الناس وتناقله، وكذلك المستفيض من الفيضان، وهو التفجر، وكأنه فاض في الناس، وتناقلوه أفراداً وجماعات، فلأجل هذا أطلق عليه: مستفيض.