للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: أبرز الأخطاء التي اشتمل عليها كلام ابن محمود هذا خطآن أحدهما زعمه أن أهل السنة القائلين بصحة خروج المهدي لما مضى من الزمان أربعة عشر قرنا دون أن يخرج المهدي أخذوا يمدون في الأجل ليثبتوا بذلك سلامة قولهم من السقوط فأخذوا يبثون في الناس بأنه لن يخرج إلا زمن عيسى ابن مريم وكأن القول بخروجه زمن عيسى بن مريم نشأ في القرن الرابع عشر، والثاني زعمه أن حديث صلاة عيسى خلف المهدي موضوع وعزوه ذلك إلى الذهبي وعلي القارئ، والجواب عن الخطأ الأول أن القول بتحديد وقت خروج المهدي في الزمن الذي يكون فيها عيسى عليه الصلاة والسلام هو قول أهل السنة والجماعة في القديم والحديث وقد بدأ ذلك من حين تكلم به الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم حيث تلقى الأحاديث في ذلك عنه صحابته الكرام وتلقاه عنهم التابعون وسار على نهجهم في ذلك التابعون لهم بإحسان ولم يكن القول به بدأ في القرن الرابع عشر كما يقتضيه كلام ابن محمود وقد قال الإمام أبو الحسين محمد بن الحسين الأبري المتوفى سنة (٣٦٣ هـ) في كتابه مناقب الشافعي: "وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا وأن عيسى يخرج فيساعده على قتله الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه"وكلام أبي الحسين الأبري هذا نقله عنه الإمام ابن القيم في كتابه المنار المنيف في الصحيح والضعيف ونقله قبله عنه القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة وأبو الحجاج المزي في كتابه تهذيب الكمال ونقله بعدهم الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابيه تهذيب التهذيب وفتح الباري ونقله السيوطي في العرف الوردي في أخبار المهدي ونقله غير هؤلاء من الأئمة.