للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن دلائل وجوده وقدرته، خلق السموات والأرض، وخلق اختلاف لهجاتكم واختلاف ألوان أجسادكم، ومع أن اللغة واللون داخلان في خلق السموات والأرض، لكن اختصتا وحدهما في الآية بعبارة منفردة ليلفت سبحانه أنظار عباده إلى عظم آياته، والعالمين منهم خاصة كما ذكرت الآية، والتي من أعجبها فقط مجرد اللغة واللون، وإنما اختلافهما، وذكر سبحانه كلمة {لآياتٍ} مرتين، في أول الآية وآخرها، ليؤكد أن ذلك من معجزات الصانع وحده، ولكن هذه الآيات لا يجني جناها ويستفيد منها إلا (العالمين) ، الذين علموا حقيقة الوجود والموجد عز وتنزه,.

فما الحال إذا قدم الله إلى خلقه ما ذكرته الآية ليميزوا بها الحقيقة الواقعة في هذا الملكوت فعكسوا الآية كما يقولون، وانطلقوا يميزون بين الناس بلون الجلد، فإن كان أهل الفكران والكفران مصرين على تسفلهم هذا، أو من تبعهم منا في هذا بما يعدّ عدم تصديق بما أنزل به القرآن، فنحن عندنا أيضا تمييز لهم يوم يقال ما سيعوه جيدا {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} ، وبلون الوجوه كذلك، فعندنا لوجوههم سواد لن يزول أبدا {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوه} ولو كانت في الدنيا بيضاء لامعة، فهي يومئذ بكفرهم سوداء حالكة. وإذا كانت اليوم سوداء فهي يومئذ بإيمانهم جميلة بيضاء.