للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما مسئولية الراعي أو الحاكم أو الدولة فتتمثل أساسا في تنفيذ شريعة الله ومنهجه في الحياة وإقامة حدوده وأحكامه وصيانة حقوق المسلمين والسهر على مصالحهم ودرء الفساد في كل أنواعه ويتمخض عن المسئوليات السابقة نوع الجزاء الذي يترتب على العمل الذي قام به الفرد باختياره وإرادته ومارس فيه الحرية التي أعطاها الله له لأن الفرد المسلم تقوم تربيته على أساس مراقبة الله سبحانه وتعالى الدائمة للإنسان في سره وعلانيته خيره وشره وأنه مثاب على الخير ومعاقب على الشر وهذا الإحساس هو ضابط السلوك بالنسبة للفرد الذي يعلم أن الله مطلع على كل صغيرة وكبيرة {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [٦٥] . ولذلك صور القرآن حال المجرمين يوم القيامة وشفقتهم وخوفهم من ذلك الإحصاء الدقيق المتناهي في الدقة والذي يحصى عمر الإنسان بالثواني إن عمل مثقال ذرة من خير وجده وإن عمل مثقال ذرة من شر وجده {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [٦٦] لأن المحصي والمحاسب هو الله سبحانه وتعالى الذي أحاط علمه بدقائق الأمور ولطائفها محسة وغير محسة {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [٦٧] كيف لا يكون ذلك وهو الذي يقول عن ذاته العلية {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [٦٨] .