للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّ من أبرز ما تأكد لدي - من خلال هذه الدراسة - حضور التكامل المعرفي في عمل البيهقي، فقد تمكن من استيعاب الكثير من المواد العلمية التي دوّنها السابقون له من الأئمة في مصنفاتهم، أو تناقلوها بينهم بالسماع الشفوي من غير تدوين في كتاب مصنف. ومن شواهد ذلك ما وجدناه في وفرة موارده الحديثية التي تنتظم رقعة واسعة من الزمن وما أنتج فيه من الآثار العلمية وتبدأ من منتصف القرن الثاني إلى الربع الأول من القرن الخامس الهجري.

وقد تميز أسلوب البيهقي في التعامل مع هذه الموارد بالإِضافة المعرفية، فقد حرص على أن يجعل كتابه مشتملاً على إضافات هامة في ميدان "السنن"ثم منْ حيث الكَمّ والكيف على السواء. فجاء "سننه الكبير"موسوعة جامعة لكثير مما تقدم من الأخبار والآثار الصالحة للاحتجاج. وكان من ثمار هذا التكامل في العمل والحرص على منهج الإضافة المعرفية أن احتفظت لنا هذه "السنن الكبرى"بمجموعة هامة من المصنفات التي تعتبر اليوم في حكم الضائع المفقود من تراثنا الواسع. ومن جملة هذه التصانيف كتاب "الفرائض"لزيد بن ثابت (ت ٤٤ هـ) الذي اعتمد عليه الإمامان مالك والشافعي فيما كتباه من الفرائض. فقد احتفظ لنا البيهقي في "السنن"بأخبار كثيرة منه.