ب- وفي تكوين الأسرة التي هي لبنة بناء المجتمع. أقامها على روابط المودة والرحمة:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} . وجعل معادلة بين الزوجين غاية في تضامنهما:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنّ} .
فإذا جاء الأولاد: قابل بين عاطفة الأبوة بإيجاب بر البنوة وجعلها وفاء بحق قد استوفاه الأولاد من قبل {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} . ثم أظهر مدى حق الوالدين حين قرنه بحقه سبحانه في قضاء مبرم. {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} . ثم إن الولد سيستوفي مثل هذا الحق من أولاده إن هو أداه لأبويه. وهكذا دواليك.
جـ - ثم هو يراعي هذا الصنف من الناس الذي حرم رعاية الأبوين وذاق بؤس القطيعة وذل العزلة ألا وهو اليتيم فكفله بالرعاية وأحاطه بالحنان وجعل صلى الله عليه وسلم لكافله أعلى المنازل في الجنة.
وهذا من أقوى دلائل التضامن الإسلامي في المجتمع الإنساني. لأنه يطيب نفس الأب على ولده إذا حضرته الوفاة بأن المجتمع كافل له ولده.
ثم إن هذا الولد اليتيم المكفول اليوم سيصبح غدا رجلا ويكفل يتيماً غيره.
د- ثم يفسح المجال خارج نطاق الأسرة فيأتي للجوار فيقول صلى الله عليه وسلم:"الجار أحق بصقبه". "ولا يزال جبريل- عليه السلام- يوصيه بالجار حتى ظن صلى الله عليه وسلم أنه سيورثه ".
هـ- ثم يربط العالم كله برباط النصح والإخلاص ومحبة الخير "الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله. قال: لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".