للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرّجل إذا حضره الموت يقول له من حضره عند وصيّته: انظر لنفسك؛ فإنّ أولادك وذرّيّتك لا يغنون عنك شيئا، قدّم لنفسك، أعتق وتصدّق، أوص لفلان بكذا ولفلان بكذا، فلا يزالون كذلك حتّى يذهب عامّة ماله، ويبقى عياله بغير شيء، فنهاهم الله تعالى عن ذلك وأمرهم أن يتركوا أموالهم لورثتهم) (١).

روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنّه دخل على سعد بن أبي وقّاص يزوره، فقال سعد:

يا رسول الله؛ إنّي ذو مال وليس لي إلاّ بنت واحدة، أفأوصي بالثّلثين؟ قال: [لا] قال: فبالشّطر؟ قال: [لا] فبالثّلث؟ قال: [والثّلث كثير، إنّك إن تدع ورثتك أغنياء خيرا من أن تدعهم فقراء يتكفّفون النّاس] (٢).

قال بعض المفسّرين: هذه الآية خطاب لمن يتصرّف بأموال اليتامى؛ معناه:

وليخش الذين يخافون الضّياع على ورثتهم الضعاف بعد موتهم، فلا يفعلون في أموال اليتامى إلاّ بما يحبّون أن يفعل في أولادهم من بعد موتهم. والقول السّديد: هو الذي لا خلاف فيه من جهة الفساد، مأخوذ من سدّ الثّلمة، وهو العدل والصّواب من القول.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً؛} نزلت في حنظلة بن الشّمردل؛ كان يأكل من مال اليتيم في حجره ظلما. ومعناها: إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى بغير حقّ، إنّما يأكلون في بطونهم حراما. ويسمّى الحرام نارا؛ لأن الحرام يوجب النّار فسمّاه باسمها على معنى أنّ أجوافهم تمثّل نارا في الآخرة. قال السديّ: (من أكل من مال اليتيم ظلما يبعث يوم القيامة، ولهب النّار يخرج من فيه وأذنيه وعينيه وأنفه، كلّ من رآه عرف أنّه أكل مال اليتيم ظلما) (٣).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٦٩٢٧ و ٦٩٢٦) عن ابن عباس، وفي النصوص (٦٩٢٨ - ٦٩٣٤).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ١٧٩.والبخاري في الصحيح: كتاب الفرائض: باب ميراث البنات: الحديث (٦٧٣٣).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٦٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>