للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميع القرآن إلاّ آية في الأنبياء {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ} (١).وقرأ الباقون بفتح الياء وضمّ الزّاي وهما لغتان. وقرأ طلحة بن مصرّف: «(يسرعون في الكفر)» والباقون {(يُسارِعُونَ)}.

ومعنى الآية: لا يحزنك يا محمد الذين يبادرون الجحد والتكذيب؛ وهم اليهود كانوا يكتمون صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم في التوراة، وكان يشقّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقيل: يعني كفار قريش كانوا يكذّبونه، وكان الناس يقولون: لو كان حقّا لاتّبعه أقرباؤه، وكان ذلك يشقّ عليه. وقيل: نزلت هذه الآية في قوم ارتدّوا عن الإسلام فاغتمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: {(إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً)} أي لم ينقصوا شيئا من ملك الله وسلطانه؛ {يُرِيدُ اللهُ أَلاّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ؛} نصيبا من الجنّة؛ {وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} (١٧٦).

قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً؛} أي الذين اختاروا الكفر على الإيمان لا ينقص من ملك الله شيئا، وإنّما أضرّ من أنفسهم حيث استوجبوا العذاب؛ {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} (١٧٧)؛أي وجع في الآخرة.

قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ؛} قرأ حمزة بالتّاء على الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم؛ أي لا تظنّنّ يا محمّد اليهود والنصارى والمنافقين أنّ إملاءنا لهم خير لهم من أن يموتوا كما مات شهداء أحد. وقيل: معناه: لا تحسبنّ يا محمّد أملى لهم لخير وتوبة تقع منهم، {إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً،} إنّما إملاؤنا لهم لتكون عاقبة أمرهم أن يزدادوا بذلك معصية على معصية؛ {وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} (١٧٨)؛يهانون فيه.

وقيل: إنّ المراد بالذين كفروا كفّار مكّة؛ أي لا تظنّنّ ما أصابوه يوم أحد من الظّفر خير لأنفسهم، وإنّما كان ذلك ليزدادوا معصية فيزاد في عقوبتهم. وقرأ الباقون: «(ولا تحسبن)» بالتاء معناه: لا تحسبنّ الكفار إملاءنا إياهم خير لهم، والإملاء


(١) الآية ١٠٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>