للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جبير: (معنى قوله: {(أَكْفِلْنِيها)} أي تحوّل عنها)، {وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ} (٢٣)؛ أي غلبني، وقال الضحّاك: (أي تكلّم وكان أفصح منّي، وإن عاداني كان أبطش منّي) (١)،وقال عطاء: (معناه أعزّ منّي وأقوى على مخاطبتي لأنّه كان الملك).

قوله تعالى: {قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ؛} أي إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك بما كفلك من قوله عن امرأتك ليتزوّجها هو. قوله تعالى:

{وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ؛} معناه: وإنّ كثيرا من الشّركاء ليظلم بعضهم بعضا، ظنّ داود أنّهما شريكان. وقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا؛} معناه: إلاّ الذين آمنوا {وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ؛} فإنّهم لا يظلمون أحدا، {وَقَلِيلٌ ما هُمْ؛} أي هم قليل، يعني الذين لا يظلمون.

قال السديّ: (لما قال أحدهما: إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، قال داود عليه السّلام للآخر: ما تقول؟ قال: نعم لي تسع وتسعون نعجة وله نعجة، وأنا أريد أن آخذها وأكمّل نعاجي مائة، قال داود عليه السّلام: وهو كاره؟ قال نعم وهو كاره، قال: إذا لا ندعك وإن رمت ذلك ضربنا منك هذا، وهذا يعني طرف الأنف، وأصله: الجبهة.

قال: يا داود أنت أحقّ أن يضرب مثل هذا، وهذا يعني طرف الأنف وأصله، حيث كان له تسع وتسعون امرأة ولم يكن لأوريا إلاّ امرأة واحدة، فلم تزل تعرّضه للقتل حتى قتل وتزوّجت امرأته. ثم صعدا إلى السّماء، فعلم داود عليه السّلام أنّ الله قد ابتلاه وامتحنه، فخرّ راكعا أي ساجدا وأناب، ورجع إلى طاعة الله تعالى بالتّوبة والنّدامة (٢).

ومعنى قوله تعالى: {وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنّاهُ؛} أي وعلم داود أنّا امتحنّاه بما قدّرنا عليه من نظره إلى المرأة وافتتانه بها، وهذا قول بعض المفسّرين، إلاّ أنّ هذا قول مردود، لا يظنّ بداود عليه السّلام ضلالة، فهو أجلّ قدرة وأعظم منزلة، وكيف يظنّ بالأنبياء عليهم السّلام أن يعرّض المسلمين للقتل لتحصيل نسائهم لأنفسهم، ومن


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٩٢٩).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>