للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصّياصيّ: جمع صيصة، وصيصة الثّور قرنه، سمّي بذلك؛ لأنّ قرنه حصنه الّذي يتحصّن به.

وروي: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا رجع من اللّيلة الّتي انصرف فيها الأحزاب، ورجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون إلى المدينة، ووضع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم السّلاح، أتى جبريل عليه السّلام إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معتجرا بعمامة من استبرق على بغلة عليها قطيفة من ديباج، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند زينب بنت جحش يغسل رأسه وقد مشّطت عقصته (١)،فقال جبريل: قد وضعت السّلاح يا رسول الله؟! قال: [نعم] قال: عفا الله عنك يا رسول الله! فو الله ما وضعت الملائكة السّلاح منذ أربعين ليلة، إنّ الله يأمرك بالسّير إلى بني قريظة.

وكان هذا في وقت الظّهر، فأمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مناديا ينادي: [من كان سامعا مطيعا فلا يصلّينّ العصر إلاّ في بني قريظة].وقدّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب برايته إليهم، فسار إليهم عليّ رضي الله عنه حتّى إذا دنا من الحصون سمع منهم مقالة قبيحة في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فرجع عليّ رضي الله عنه حتّى لقي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالطّريق، فقال: يا رسول الله لا عليك أن تدنو من هؤلاء الخبائث، قال: [أظنّك سمعت منهم أذى؟] قال: نعم.

فسار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نحوهم حتّى دنا من حصونهم، فقال لهم: [يا إخوان القردة أخزاكم الله، وأنزل فيكم نقمته] قالوا: يا أبا القاسم! ما كنت جهولا (٢).

فحاصرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خمسا وعشرين ليلة حتّى جهدهم الحصار، وقذف في قلوبهم الرّعب. فلمّا أيقنوا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غير راجع عنهم، قال لهم كعب بن أسد: يا معشر اليهود؛ إنّه قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنّي سأعرض عليكم ثلاث خصال، فخذوا بأيّها شئتم. قالوا: وما هي؟

قال: أمّا الأولى فنبايع هذا الرّجل ونصدّقه، فو الله لقد تبيّن لكم أنّه نبيّ مرسل، وأنّه الّذي تجدونه في كتابكم، فتأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم.

قالوا: لا نفارق ديننا أبدا، ولا نستبدل به غيره.


(١) العقيصة: الضّفيرة، وعقص الشّعر: ضفر وليّه على الرأس.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢١٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>