للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً} (١٢) معناه: وإذ يقول الذين يستبطنون الكفر والذين في قلوبهم شكّ وضعف اعتقاد: ما وعدنا محمّد أنّ فارس والروم يفتحان علينا ونحن في مكاننا هذا الذي لا يقدر أحد أن يبرز لحاجته إلاّ باطلا. قال قتادة: (قال ناس من المنافقين: يعدنا محمّد أن نفتح قصور الشّام وفارس، وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله، هذا والله الغرور) (١).

قوله تعالى: {وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا؛} قال مقاتل: (هم بنو سالم من المنافقين) (٢)،وقال السديّ: (عبد الله بن أبيّ وأصحابه). {(يا أَهْلَ يَثْرِبَ)} أي يا أهل المدينة، قال أبو عبيدة: (يثرب اسم أرض، ومدينة الرّسول في ناحية منها) (٣).وقوله تعالى: {(لا مُقامَ لَكُمْ)} أي لا موقف لكم في هذا الموضع، فارجعوا إلى المدينة.

وقرأ عاصم {(لا مُقامَ)} بضمّ الميم؛ أي لا إقامة لكم هاهنا؛ لكثرة العدوّ وغلبة الحراب، فارجعوا إلى منازلكم، أمروهم بالهرب من عسكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (٤).

قوله تعالى: {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ؛} معناه: ويستأذن فريق منهم النبيّ عليه السّلام في الرّجوع إلى منازلهم بالمدينة؛ وهم: بنو حارثة وبنو سلمة، وكانوا يعتلّون في الاستئذان بقولهم: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ؛} أي بيوتنا خالية من الرّجال تخاف عليها، وقيل: معناه: إنّ بيوتنا ليست بجديدة. وقال مقاتل والحسن: (معناه:

قالوا بيوتنا ضائعة نخشى عليها السّرّاق) (٥).وقال قتادة: (قالوا بيوتنا ممّا يلي العدوّ


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢١٦٣١).
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٣٨.
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٣١.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٤ ص ١٤٨.
(٤) قاله الطبري في جامع البيان: مج ١١ ج ٢٠ ص ١٦٤.
(٥) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>