للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد قولهم آمنّا، {وَما أُولئِكَ؛} الذين أعرضوا عن حكم الله ورسوله، {بِالْمُؤْمِنِينَ} (٤٧).

قوله تعالى: {وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ؛} معناه: إذا دعوا إلى كتاب الله ورسوله ليحكم بينهم الرسول فيما اختلفوا فيه، {إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} (٤٨)؛عما يدعون إليه، نزلت هذه الآيات في بشر المنافق وخصمه اليهوديّ حين اختصما في أرض، فجعل اليهوديّ يجذبه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليحكم بينهما، وجعل المنافق يجذبه إلى كعب بن الأشرف، يقول: إنّ محمّدا يحيف عليه، فذلك قوله تعالى: {(وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ)} (١) عن الكتاب والسّنة.

قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} (٤٩)؛معناه:

وإن يكن لهم القضاء على غيرهم يأتون إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مسرعين مطيعين منقادين لحكمه. والإذعان: الإقرار بالحقّ مع الانقياد له. قال الزجّاج: (الإذعان: الإسراع مع الطّاعة) (٢).

قوله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} (٥٠)؛لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه التوبيخ، وذلك أشدّ ما يكون في الذمّ كما جاء في المبالغة في المدح:

ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح (٣)

يعني أنتم كذلك.

قوله: {إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا؛} انتصب {(قَوْلَ)} على خبر كان، واسمها {(أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا)}.


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٩١٤.
(٢) ذكره ابن عادل في اللباب: ج ١٤ ص ٤٢٨.
(٣) المطايا: جمع مطيّة، وهي الدابّة تمطو في مشيها، أي تسرع. وأندى: أسخى. والرّاح: جمع راحة، وهي الكفّ. والهمزة في (ألستم) ليست للاستفهام، وإنما هي لتقرير هذا الإخبار بثبوته، مدحا لعبد الملك بن مروان.

<<  <  ج: ص:  >  >>