للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بِهَذِهِ الْأَعْدَادِ الْغَفِيْرَةِ مِنْ الْحَمَادَى رِجَالَاً وَنِسَاءً، قَدَّمُوْا هَذِهِ الْمُؤَلَّفَاتِ وَالْبُحُوْثَ فِيْ شَتَّى الْمَجَالَاتِ؟!

وَكَيْفَ إِذَا أَضَفْتَ إِلَيْهِمْ غَيْرَهَمْ مِمَّنْ عَمِلَ أَعْمَالَاً مُشَرِّفَةً فِيْ نُصْرَةِ دِيْنِهِ، وَوَطَنِهِ، وَوُلَاةِ أَمْرِهِ، وَهُمْ عَدَدٌ جَمٌّ غَفِيْرٌ؟!

وَمَا زِلْتَ تَسْمُوْ لِلْمَكَارِمِ وَالْعُلَى ... وَتَعْمُرُ عِزَّاً مُسْتَنِيْرَ الْمَوَارِدِ

إِذَا عُدَّ أَيَامُ الْمَكَارِمِ فَافْتَخِرْ ... بِآبَائِكَ الْشُمِّ الْطِّوَالِ الْسَّوَاعِدِ

قَالَ أَبُوْ عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى (ت ٢٠٩ هـ) -رحمه الله-: (قَوْلُهُ: الْشُمُّ الْطِوَالُ: الْمُرْتَفِعَةُ، وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لِلْشَّرَفِ وَالْكَرَمِ، أَيْ: أَنَّ حَسَبَهُمْ لَا يَبْلُغُهُ مَنْ يُفَاخِرُهُ). (١)

وَاعْلَمْ يَابْنَ الْعَمِّ ــ أَعَزَّكَ اللهُ بِدِيْنِهِ ــ أَنَّ مَآثِرَ الْآبَاءِ مَآثرُ لِلْأَبْنَاءِ، وَالْعَكْسُ كَذَلِكَ، فَتَصِحُّ نِسْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلآخَرِ، قَالَ ابْنُ جَرِيْرِ الطَّبَرِيُّ (ت ٣١٠ هـ) -رحمه الله-: (يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة، آية ٤٧) أَنِّيْ فَضَّلْتُ أَسْلَافَكُمْ، فَنَسَبَ نِعَمَهُ عَلَى آبَائِهِمْ وَأَسْلَافِهِمْ إِلَى


(١) «شرح نقائض جرير والفرزدق» لأبي عبيدة معمر بن المثنى (٣/ ١٠٦٧)، والبيتان لجرير «ديوانه» (٢/ ٦٠٥).

<<  <   >  >>