للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه لم يقع التراضي بين المُتابعَيْن الذي شرطه الله عز وجل لعدم الانسلاخ، وإنما أراد حيلةَ يُحِلان بها ما حرّم الله فيُضرَب بها في وجوههما ويُحْكم ببُطلان البيعِ، وتُرَدّ الغَلاّتُ المَقْبوضةُ ويُرد الثمن بصفته بلا زيادة ولا نُقصان.

ومنا لصور التي يقع عليها بيعُ الرّجا أني بيع الرجلُ من الرجل قاصدًا للبيع منسلخًا عن المبيع غيرَ متحيِّلٍ محرّم إلا أنه جعل لنفسه الخيارَ وإن تمكن من ردّ الثمن إلى وقت كذا فهذا بيعٌ مصحوبٌ بخيار شرطٍ (١) ولا بأس فيه، ولا تحري في هذا ما قال الإمامُ عزُّ الدين أن يَقَع الرجا مؤقّتًا في الحقيقة لأن البائع إذا ردّ مثل الثمنِ استرجعه رضي المشتري أم كرِه، لأنا نقول هذا شأنُ خيار الشرط الذي ينفرد به البائعُ وهذا منه كما صرح بذلك المحققون وهو لا يلتزم بُطلان كلّ بيع شرَطَ فيه الخيارَ البائعُ وقد [٧] دلت الأدلّةُ على صِحّة الذي يتفرّق البائعان وبينهم صفقةُ خِيار.

وأما قولُكم: هل المجيزُ لبيع الشيءِ إلخ.

فنقول: قد رُوي عن المؤيَّد بالله (٢) القولُ بجواز بيعِ الرَّجا على الصورة المتقدِّمة تخْريجًا له من تجويز بيعِ الشيءِ بأكثر من سعر يومِه لأجل النَّسا هو الجوازُ كما حقَّقْنا ذلك في رسالة مستقلَّة (٣).

وأما قولُكم: هل يُفرَّق بين كونِه بالقيمة أو بدونها فنقول: لا فَرْقَ باعتبار الصورة الأولى لأن الكلّ باطلٌ لتلك العِلَّة، وكونُه بالقيمة لا يرفع البُطلان.

وأما باعتبار الصورة الثانية ففائدتُه أنها إذا انقضت المُدَّةُ ونَجزَ البيعُ وادّعى البائعُ أنه إنما باع بذلك الثمنِ الدُّونِ لرجاء عَودِ المبيعِ إليه ووجدْنا قيمةَ المبيعِ أزيدَ من الثمن فهل يستحِقُّ التَوْفِيةَ أم لا؟.


(١) انظر الرسالة رقم (١١٠).
(٢) تقدمت ترجمته.
(٣) رقم (١١٤) وانظر الرسالة رقم (١١٥).