للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدم ما حكاه القاضي عياض (١) عن أكثر الناس أن المجذومين يتخذون لأنفسهم موضعًا منفردًا عن الناس، ولا شك أن التضرر بذلك أخف من التضرر بلبس ثيابهم والأكل والشرب في أوانيهم، ومن حاول الجمع بين الأحاديث بغير ما ذكرناه كلامه أيضًا غير مخالف لهذا فإنه إذا كان الأمر بالفرار من المجذوم لأجل التأذي برائحته فالتأذي شابه كذلك، وهكذا إذا كان الأمر بالفرار منه لأجل سد الذريعة فربما كان عدم البيان ذريعة إلى الاعتقاد نحو أن يصاب من اشترى ثوب المجذوم ونحوه بمثل عاهته ثم يعلم بعد ذلك أن الثوب الذي لبسه كان لمجذوم، فإنه ربما كان سببًا لحصول الاعتقاد.

وكما ورد ما يعارض عموم الأحاديث القاضية بنفي العدوى ورد أيضًا ما يعارض الأحاديث القاضية بنفي الطيرة على العموم، فأخرج البخاري (٢) ومسلم (٣) وأبو داود (٤) والترمذي (٥) والنسائي (٦) عن ابن عمر قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "الشؤم في الدار والمرأة والفرس". وفي رواية لمسلم (٧) "إنما الشؤم في ثلاث: المرأة والفرس والدار". وفي رواية (٨) له: "إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة". وفي رواية (٩) له أيضًا: "إن كان الشؤم في شيء ففي الرتع والخادم والفرس".


(١) في "إكمال المعلم" (٧/ ١٦٤).
(٢) في صحيحه رقم (٥٧٥٣).
(٣) في صحيحه رقم (١١٥/ ٢٢٢٥).
(٤) في "السنن" رقم (٣٩٢٢).
(٥) في "السنن" (٢٨٢٥).
(٦) في "السنن" رقم (٣٥٩٨). وهو حديث صحيح.
(٧) في صحيحه رقم (١١٨/ ٢٢٢٥) من حديث عبد الله بن عمر عن أبيه.
(٨) مسلم في صحيحه رقم (١١٩/ ٢٢٢٧) من حديث سهل بن سعد.
(٩) عند مسلم في صحيحه رقم (١٢٠/ ٢٢٢٧) من حديث جابر.