للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن مرض نقص الاستقامة قد أدى إلى حصول تهاونٍ بالسنن والمستحبات، وهناك قسمان: نقص الكمال الواجب ونقص الكمال المستحب، فأما نقص كمال الاستقامة الواجب فقد ذكرنا أمثلة منه كثيرة، ولكن ينبغي أن ننتبه لمرض نقص كمال الاستقامة المستحب. الكمال كمالان: كمال واجب لا بد أن يؤتى به، وكمال مستحب ولكن التفريط والتضييع أدى إلى الوقوع في أنواع من التهاونات. فأقول: إن مرض نقص الاستقامة قد أدى فيما أدى إلى الاستهانة بالسلوك، حتى السواك ورص الصفوف التي يعتبرها بعض الناس أشياء ثانوية وجانبية، أي: أنهم يمكن أن يهملوها، مع أنك يا أخي المسلم لو تتبعت الأحاديث الواردة في السواك لرأيت أمراً عجباً، وقد صنف بعض العلماء كتباً في السواك فقط، والذي يتتبع هذا الأمر يخرج بانطباع أن الشريعة تريد تكميل المسلم وإحاطته من جميع الجوانب، وأن تجعله في أحسن صورة، لكن بعض الناس يصرون على الإهمال والتضييع لهذه السنن، ويقولون: هذه قشور، اترك وابتعد، نحن لم نقل: اجعلها أولويات في الدعوة، أو قدمها على ما هو أعظم منها من الأعمال، لكن ألا تعملها وتتركها نهائياً، والذي حصل من أنواع التأخرات والتهاونات في السنن أدى إلى أشياء سيئة، فمثلاً: التهاون في النوافل وهو أمرٌ غاية في الخطورة والتفريط فإن النوافل من الأسباب الجابهة لمحبة الله تعالى ثم هي مِنةٌ من الله تعالى لتكميل نقص الفريضة بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: قال الله تعالى من عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلىَّ عبدي بشيءٍ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليِّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله الذي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما ترددتُ عن شيءٍّ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح السنن الأربعة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة فإن صلحت فقد أفلح و أنجح و إن فسدت فقد خاب و خسر و إن انتقص من فريضة قال الرب: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>