للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• عباد الله: َإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِالْفُرَاقِ وَإِنَّ الآخِرَة قَدْ أَشْرَفَتْ لِلتَّلاقِ، رحم الله رجلاً أضمر نفسه للسباق، وساقها إلى الغاية أشد مساق واستعد للموت قبل هجومه وأخذ حذره منه قبل قدومه وأنفذ دموعه على الأوقات التي أضاعها قبل أن تزل به القدم ويؤخذ بما علم وبما لم يعلم.

فَكَيْفَ إِذَا جُمِعُوا لِيَوْمِ التَّلاقِ، وَتَجَلَّى اللهُ - جَلَّ جَلالهُ - لِلْعِبَادِ وَقَدْ كَشَفَ عَنْ سَاقٍ؟ وَدُعُوا إِلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}. [القلم: ٤٣]

• عباد الله اعلموا أن الدُّنَيْا حَلالُهَا حِسَاب، وَحَرَامُهَا عَذَابُ، وَإِلَى اللهِ الْمآبُ، العمرُ يمَرَّ السَّحَابِ، فَبَادِرُوا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ يُغْلَقَ عَنْكُمُ البَابَ.

• فيا خجلة من سئل فعدم الجواب أو بجوابٍ يستحق عَلَيْهِ أليم الْعَذَاب ويا حَسْرَة من نوقش عن الدقيق والجليل في الآخِرَة الحساب، ويا ندامة من لم يحصل إِلا على الْغَضَب من الكريم الوهاب

• ويا ويلةَ من كانت وجوههم مسودة لسوء الحساب، والزبانية تقمعهم فيذوقون أليم العقاب، فياله من يومٍ شديد َيَشْتَدُّ فِيهِ الْحِسَابُ، وَيُشْفَقُ فِيهِ العذاب، يومٌ تخضعُ فيه الرِّقَابُ ويَذَلُ فيه كُلُّ فَاجِرٍ كَذَّابِ ويَرَجَعُ الأَشْقِيَاءُ بِالْخُسْرَانِ وَالتَّبَابِ،

• ويا حَسْرَة نفوس أسرفت على نفسها في دار الغرور، ويا خراب قُلُوب عمرت بأماني كُلّهَا باطل وزورٍ، وغرقت في الدواهي من الأمور، أما علمت أن الله ({يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: ١٩] فَكَيْفَ بِها إِذَا عَايَنْت الأُموُرَ وبُعْثِرَتِ القُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ،، أم كيف بها إذا دخلت قبرها المحفور، وما فيه من الدواهي والأمور، تحت الجنادلِ والصخور، ثم سُئِلت عن هذه الأمور، أم كيف بها حين تقفُ بين يدي ربها ويسألها عن هذه الأمور، ثم لم تجد جواباً على هذه الأمور، هنالك تعرفُ أنها ما كانت إلا في غرور، فتندم ندماً لا يخطرُ على الصدور، ولا يُكْتَبُ بالسطور، لكنه ندمٌ لا ينفعُ في أي أمرٍ من الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>