للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأجْلِ بُصاقٍ فِي جِهَةِ القِبلة (١)!؛ لكن أهل وقتنا لا يُرِيدون مثل هذا لأنه لا يُناسبهم، ونحن ليس لنا أنْ نُغَيِّر الدِّينَ على مُقتضى الأهواءِ والآراءِ والأزمان، كذلك نَعُوذُ باللهِ أنْ ندعو إلى الشِّدَّةِ، ونلتمس الأدلةَ التي تدل على ذلك لنَشُد بِها ما نقول؛ فنكون نحن ومَن يَسْتدلون على التساهل كَطَرَفَيْ نقيض، بل مُرادنا الحق وأن نبيِّن فسادَ دعاويهم الباطلة وفسادَ استدلالهم بالأدلة التي يُوهِمُون أنَّهَا تُسَاعِدُهم؛ فَلِلْغِلْظَةِ مَقامٌ لا يَصلح فيه اللين، كذلك اللِّين له مقامٌ لا تصلح فيه الغِلْظَة، ومَن دَعَا إلى أحدهما وتَرَك الآخرَ فَهُوَ مُبْطِلٌ.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ مرَّةٍ على ظَهْرِ دَابته، وأمَرَ مَن معه أنْ يُصلوا على ظهور دوابهم فوثَب رَجُلٌ عن ظهر دابته فصَلَّى على الأرض فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مُخَالِفٌ خَالَفَ اللَّهُ بِهِ) فلم يَمُتْ حتى ارتدَّ عن الإسلام (٢)؛ فتأمَّل هذا التغليظَ مع أنَّ الرَّجُلَ فَعَلَ فِعْلاَ مَشروعاً لكنه في غير موضعه وَأَوَانِه مع مُخالفته نَبيه وهو برأيه هذا يريد الْمُبالَغة بالتعبُّد فَصَار مُخَالَفَةً عظيمةً في هذا الموضِعِ والوقتِ، ونحن لا نَخَافُ مِن شَيء وكأنَّ النجاةَ مضمونةٌ لَنا!.


(١) كيف لو رأى - صلى الله عليه وسلم - ما يُدخل في المساجد اليوم من ميكرفونات وصور وآلات تصوير وجوالات، حتى أن الموسيقى تعزف بالجوال في المسجد وأحيانًا تعزف وهم يصلون فيسمع مزامير الشيطان كل المصلين!، وهذه واللهِ فِتَنٌ وعظائم!.
(٢) أورده شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»، (٢٥/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>