للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٧٣ - إنها ستكون فتنة»، قيل: «فما المخرج منها؟»، قال: «كتاب الله فيه نبأ من قبلكم، وخبر من بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تشبع منه العلماء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخْلَق عن الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تَفُتْه الجن إذ سمعته عن أن قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} (الجن: ١ - ٢)، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجِر، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط المستقيم» (١).


(١) لا شك أن التمسك بكتاب الله هو سبب العزة والفلاح والمخرج من كل فتنة، إن المنهج الرباني الذي كان عليه السلف الصالح - رضي الله عنهم - هو الاعتماد على القرآن الكريم والسنة الصحيحة في كل شؤون الحياة والذي فيه من الشمول ما في مصادر تلقيه، وقد قال الله تعالى عن مصدره الأول: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: ١٨٥)؛ فهو الهُدَى في كل زمان ومكان، بل لا هداية إلا به؛ فهو الهدى في الأخلاق والمعاملات، كما أنه الهدى في العقائد والعبادات، بل ليس هو الهادي إلى الصواب فحسب وإنما إلى قمته وذروته، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩)} (الإسراء: ٩).
إن الشريعة الإسلامية فيها عزنا ومجدنا، قال تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنبياء: ١٠). وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (الزخرف: ٤٤). وإقامة دين الله في الأرض معناها الصلاح والكسب والفلاح في حياة المؤمنين في هذه الدنيا وفي الآخرة على السواء، لا افتراق بين دين ودنيا، ولا افتراق بين دنيا وآخرة، فهو منهج واحد للدنيا وللآخرة، للدنيا وللدين.

إن الأمن والطمأنينة والسعادة في الدنيا قبل الآخرة لن تكون إلا بتطبيق شرع الله في عباد الله، وإلا فهو الشقاء والنكد والفوضى والسلب والنهب والهرج والمرج، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سدد خطاكم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِى الأَرْضِ خَيْرٌ لأَهْلِ الأَرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا». (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

<<  <  ج: ص:  >  >>